.................................................................................................
______________________________________________________
المدرك المعلوم ، فيكون هو القلب أعني تلك اللطيفة.
فإذا قد انكشف لك أن معاني هذه الأسامي موجودة وهو القلب الجسماني ، والروح الجسماني ، والنفس الشهوانية والعقل العلمي ، وهذه أربعة معان يطلق عليها الألفاظ الأربعة ، ومعنى خامس وهو اللطيفة العالمة المدركة من الإنسان ، فالألفاظ الأربعة بجملتها يتوارد عليها ، فالمعاني خمسة والألفاظ أربعة ، وكل لفظ أطلق لمعنيين ، وأكثر العلماء قد التبس عليهم اختلاف هذه الألفاظ وتواردها ، فتراهم يتكلمون في الخواطر ، ويقولون هذا خاطر العقل ، وهذا خاطر الروح ، وهذا خاطر النفس ، وهذا خاطر القلب ، وليس يدري الناظر اختلاف معاني الأسماء.
وحيث ورد في الكتاب والسنة لفظ القلب ، فالمراد به المعنى الذي يفقه من الإنسان ، ويعرف حقيقة الأشياء ، وقد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر ، لأن بين تلك اللطيفة وبين جسم القلب علاقة خاصة ، فإنها وإن كانت متعلقة بسائر البدن ومستعملة له ، ولكنها تتعلق به بواسطة القلب ، فتعلقها الأول بالقلب فكأنه محلها ومملكتها وعالمها ومطيتها ، ولذا شبه القلب بالعرش والصدر بالكرسي.
ثم قال في بيان تسلط الشيطان على القلب : اعلم أن القلب مثال قبة لها أبواب تنصب إليها الأحوال من كل باب ، ومثاله أيضا مثال هدف تنصب إليه السهام من الجوانب ، أو هو مثال مرآة منصوبة يجتاز عليها أنواع الصور المختلفة ، فيتراءى فيها صورة بعد صورة ولا يخلو عنها ، أو مثال حوض ينصب إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة إليه ، وإنما مداخل هذه الآثار المتجددة في القلب في كل حال ، أما من الظاهر فالحواس الخمس وأما من الباطن فالخيال والشهوة والغضب والأخلاق المركبة في مزاج الإنسان ، فإنه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل منه أثر في القلب ، وإن كف عن الإحساس والخيالات الحاصلة في النفس تبقى وينتقل الخيال من شيء إلى شيء ، وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب من حال إلى حال ، والمقصود أن القلب