.................................................................................................
______________________________________________________
للشيطان ، فذكر الله سبحانه هو الذي يؤمن جانبه ، ويعلم أنه ليس للشيطان فيه مجال ، ولا يعالج الشيطان إلا بضده وضد جميع وساوس الشيطان ذكر الله تعالى ، والاستعاذة به والتبري عن الحول والقوة ، وهو معنى قولك أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، وذلك لا يقدر عليه إلا المتقون الذين الغالب عليهم ذكر الله ، وإنما الشيطان يطوف بقلوبهم في أوقات الفلتات على سبيل الخلسة ، قال الله تعالى : « إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ » (١) وقال مجاهد في قوله : « مِنْ شَرِّ الْوَسْواسِ الْخَنَّاسِ » قال : هو منبسط على قلب الإنسان ، فإذا ذكر الله سبحانه خنس وانقبض ، وإذا غفل انبسط على عقله فالتطارد بين ذكر الله ووسوسة الشيطان كالتطارد بين النور والظلام وبين الليل والنهار ، ولتطاردهما قال الله تعالى : « اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ فَأَنْساهُمْ ذِكْرَ اللهِ » (٢) وفي الحديث : أن الشيطان واضع خطمه (٣) على قلب ابن آدم فإذا ذكر الله خنس وإن نسي الله التقم قلبه.
وكما أن الشهوات ممتزجة بلحم الآدمي ودمه فسلطنة الشيطان أيضا سارية في لحمه ودمه ومحيطة بالقلب من جوانبه ، ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع ، وذلك لأن الجوع يكسر الشهوة ومجرى الشيطان الشهوات ولأجل اكتناف الشهوات للقلب من جوانبه قال الله تعالى إخبارا عن إبليس : « لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ، ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ » (٤) وقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إن الشيطان قعد لابن آدم في طرقه فقعد له بطريق الإسلام فقال له : أتسلم وتترك دينك ودين آبائك فعصاه
__________________
(١) سورة الأعراف : ٢٠١.
(٢) سورة المجادلة : ١٩.
(٣) الخطم من الدابّة : مقدّم أنفها وفمها.
(٤) سورة الأعراف : ١٦.