.................................................................................................
______________________________________________________
فأسلم ، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال : أتهاجر وتدع أرضك ونساءك فعصاه فهاجر ، ثم قعد له بطريق الجهاد ، فقال : أتجاهد وهو تلف النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح نساؤك وتقسم مالك فعصاه فجاهد ، قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : فمن فعل ذلك فمات كان حقا على الله أن يدخله الجنة
فقد ذكر صلىاللهعليهوآلهوسلم معنى الوسوسة فإذا الوسواس معلوم بالمشاهدة ، وكل خاطر فله سبب ويفتقر إلى اسم تعرفه ، فاسم سببه الشيطان ولا يتصور أن ينفك عنه آدمي وإنما يختلفون بعصيانه ومتابعته ، ولذا قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما من أحد إلا وله شيطان.
وقد اتضح بهذا النوع من الاستبصار معنى الوسوسة والإلهام والملك والشيطان والتوفيق والخذلان ، فبعد هذا نظر من ينظر في ذات الشيطان ، وأنه جسم لطيف أو ليس بجسم ، وإن كان جسما فكيف يدخل في بدن الإنسان ما هو جسم ، فهذا الآن غير محتاج إليه في علم المعاملة ، بل مثال الباحث عن هذا كمثال من دخل في ثوبه حية وهو محتاج إلى دفع ضرارتها ، فاشتغل بالبحث عن لونها وطولها وعرضها ، وذلك عين الجهل لمصادفة الخواطر الباعثة على الشرور ، وقد علمت ، ودل ذلك على أنه عن سبب لا محالة ، وعلم أن الداعي إلى الشر المحذور المستقبل عدو فقد عرف العدو فينبغي أن يشتغل بمجاهدته.
وقد عرف الله سبحانه عداوته في مواضع كثيرة من كتابه ليؤمن به ويحترز عنه فقال تعالى : « إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّما يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ » (١) وقال تعالى : « أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ » (٢) فينبغي للعبد أن يشتغل بدفع العدو عن نفسه لا بالسؤال عن أصله ونسبه ومسكنه ، نعم ينبغي أن يسأل عن سلاحه ليدفعه عن
__________________
(١) سورة فاطر : ٦.
(٢) سورة يس : ٦٠.