من أصحابه قصير وكان كثير اللزوم لعيسى عليهالسلام فلما انتهى عيسى إلى البحر قال بسم الله بصحة يقين منه فمشى على ظهر الماء فقال الرجل القصير حين نظر إلى عيسى عليهالسلام جازه بسم الله بصحة يقين منه فمشى على الماء ولحق بعيسى عليهالسلام فدخله العجب بنفسه فقال هذا عيسى روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فما فضله علي قال فرمس في الماء فاستغاث بعيسى فتناوله من الماء فأخرجه ثم قال له ما قلت يا قصير قال قلت هذا روح الله يمشي على الماء وأنا أمشي على الماء فدخلني من ذلك عجب فقال له عيسى لقد وضعت نفسك في غير الموضع الذي وضعك الله فيه فمقتك الله على ما قلت ـ فتب إلى الله عز وجل مما قلت قال فتاب الرجل وعاد
______________________________________________________
وأقول : كان من شرائع عيسى عليهالسلام السياحة في الأرض للاطلاع على عجائب قدرة الله وهداية عباد الله ، والفرار من أعدائه وملاقاة أوليائه ، فنسخ ذلك في شرعنا ، وقد روي : لا سياحة في الإسلام ، وسياحة هذه الأمة الصيام « فدخله العجب » فإن قيل : هذا إما عجب كما صرح به ، أو غبطة حيث تمنى منزلة عيسى عليهالسلام لكنه تجاوز عن حد نفسه حيث لم يكن له أن يتمنى تلك الدرجة الرفيعة التي لا يمكن حصولها له ، فكيف فرعه عليهالسلام على النهي عن الحسد؟ قلت : الظاهر أنه كان الحامل له على الجرأة على هذا التمني الحسد بمنزلة عيسى واختصاصه بالنبوة حيث قال : فما فضله علي؟ أو أنه لما رأى مساواته لعيسى عليهالسلام في فضيلة واحدة حسد عيسى على نبوته وأنكر فضله عليه كما قال بعض الكفار « أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنا ».
« فرمس في الماء » أي غمس فيه على بناء المجهول فيهما ، لا يقال : سيأتي عدم المؤاخذة بالخطورات القلبية وقصد المعصية وهنا أخذ بها ، لأن الظاهر أن قوله « فقال » المراد به الكلام النفسي؟ لأنا نقول : الأفعال القلبية التي لا مؤاخذة بها هي التي تتعلق بإرادة المعاصي أو كان محض خطور من غير أن يصير سببا لشكه في العقائد الإيمانية أو حدوث خلل فيها ، وهيهنا ليس كذلك مع أنه لا يدل ما سيأتي إلا على أنه لا يعاقب بها وهو لا ينافي حط منزلته عن صدور مثل هذه