.................................................................................................
______________________________________________________
اعتقاده بكونه عدلا جوادا كريما مالكا لخزائن السماوات والأرض ، وحينئذ يتسلط عليه الشيطان ويذكر له شبهات حتى يسب الفلك والدهر وغيرهما ، وكل ذلك كفر أو قريب منه ، وإنما يتخلص من هذه الأمور من امتحن الله قلبه للإيمان ، ورضي عن الله سبحانه في المنع والإعطاء ، وعلم أن كل ما فعله بالنسبة إليه فهو خير له وقليل ما هم.
الثالث : ما ذكره الراوندي قدسسره حيث قال : معنى الحديث والله أعلم أنه إشارة إلى أن الفقير يسف إلى المأكل الدنية والمطاعم الوبية ، وإذا وجد أولاده يتضورون من الجوع والعري ، ورأى نفسه لا يقدر على تقويم أودهم وإصلاح حالهم ، والتنفيس عنهم كان بالحري أن يسرق ويخون ويغصب وينهب ، ويستحل أموال الناس ويقطع الطريق ويقتل المسلم أو يخدم بعض الظلمة ، فيأكل ما يغصبه ويظلمه ، وهذا كله من أفعال من لا يحاسب نفسه ولا يؤمن بيوم الحساب ، فهو قريب إلى أن يكون كافرا بحتا ، وفي الأثر : عجبت لمن له عيال وليس له مال كيف لا يخرج على الناس بالسيف؟ انتهى.
وأقول : المعاني متقاربة والمال واحد.
وأما قوله عليهالسلام : وكاد الحسد أن يغلب القدر ، ففيه أيضا وجوه :
الأول : ما ذكر الراوندي (ره) حيث قال : إن المعنى أن للحسد تأثيرا قويا في النظر في إزالة النعمة عن المحسود أو التمني لذلك ، فإنه ربما يحمله حسده على قتل المحسود وإهلاك ماله وإبطال معاشه فكأنه سعى في غلبة المقدور ، لأن الله تعالى قد قدر للمحسود الخير والنعمة ، وهو يسعى في إزالة ذلك منه ، وقيل : الحسد منصف لأنه يبدأ بصاحبه وقيل : الحسود لا يسود ، وقيل : الحسد يأكل الجسد ، وكاد يعطي أنه قرب الفعل ولم يكن ، ويفيد في الحديث شدة تأثير الفقر