متفرقين لتدافنوا فقال الحواريون يا روح الله وكلمته ادع الله أن يحييهم لنا
______________________________________________________
الغضب « لتدافنوا » الظاهر أن التفاعل هيهنا بمعنى فعل كتواني ويمكن إبقاؤه على أصل المشاركة بتكلف « فقال الحواريون » هم خواص عيسى عليهالسلام قيل : سموا حواريين لأنهم كانوا قصارين يحورون الثياب أي يقصرونها وينقونها من الأوساخ ويبيضونها ، مشتق من الحور وهو البياض الخالص ، وقال بعض العلماء : إنهم لم يكونوا قصارين على الحقيقة وإنما أطلق هذا الاسم عليهم رمزا إلى أنهم كانوا ينقون نفوس الخلائق من الأوساخ والأوصاف الذميمة والكدورات ، ويرقونها إلى عالم النور من عالم الظلمات.
« يا روح الله » أقول : في تسميته عليهالسلام روحا أقوال : الأول أنه إنما سماه روحا لأنه حدث عن نفخة جبرئيل في درع مريم بأمر الله تعالى ، وإنما نسبه إليه لأنه كان بأمره ، وقيل : إنما أضافه إليه تفخيما لشأنه كما قال : الصوم لي وأنا أجزي به ، وقد يسمى النفخ روحا ، والثاني : أن المراد به يحيي به الناس في دينهم كما يحيون بالأرواح ، والثالث : أن معناه إنسان أحياه الله بتكوينه بلا واسطة من جماع ونطفة كما جرت العادة بذلك ، الرابع : أن معناه ورحمة منه ، والخامس : أن معناه روح من الله خلقها فصورها ثم أرسلها إلى مريم فدخلت في فيها فصيرها الله سبحانه عيسى ، السادس : سماه روحا لأنه كان يحيي الموتى كما أن الروح يصير سببا للحياة.
وكذا اختلفوا في تسميته « كلمة » في قوله سبحانه : « إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ » (١) وقوله تعالى : « إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ » (٢) على أقوال : أحدها : أنه إنما سمي بذلك لأنه حصل بكلمة من الله من غير والد ، وهو قوله « كُنْ » كما قال سبحانه : « إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ
__________________
(١) سورة آل عمران : ٤٥.
(٢) سورة النساء : ١٧١.