فيخبرونا ما كانت أعمالهم فنجتنبها فدعا عيسى عليهالسلام ربه فنودي من الجو أن نادهم فقام عيسى عليهالسلام بالليل على شرف من الأرض فقال يا أهل هذه القرية فأجابه منهم مجيب لبيك يا روح الله وكلمته فقال ويحكم ما كانت أعمالكم
______________________________________________________
فَيَكُونُ » (١) والثاني : أنه سمي بذلك لأن الله تعالى بشر به في الكتب السالفة ، أو بشرت بها مريم على لسان الملائكة ، الثالث : أنه يهتدي به الخلق كما اهتدوا بكلام الله ووحيه.
« فنودي من الجو » بالفتح والتشديد ما بين السماء والأرض « على شرف » قال الشيخ البهائي قدسسره : الشرف المكان العالي قيل : ومنه سمي الشريف شريفا تشبيها للعلو المعنوي بالعلو المكاني « فقال ويحك » (٢) ويح اسم فعل بمعنى الترحم كما أن ويل كلمة عذاب ، وبعض اللغويين يستعمل كلا منهما مكان الأخرى والطاغوت فلعوت من الطغيان وهو تجاوز الحد وأصله طغيوت فقدموا لامه على عينه على خلاف القياس ، ثم قلبوا الياء ألفا فصارت طاغوت ، وهو يطلق على الكاهن والشيطان والأصنام ، وعلى كل رئيس في الضلالة ، وعلى كل ما يصد عن عبادة الله تعالى ، وعلى كل ما عبد من دون الله تعالى ، ويجيء مفردا لقوله تعالى : « يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ » (٣) وجمعا كقوله تعالى : « وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُماتِ » (٤).
وقال قدسسره : لعلك تظن أن ما تضمنه هذا الحديث من أن الطاعة لأهل المعاصي عبادة لهم جار على ضرب من التجوز لا الحقيقة ، وليس كذلك بل هو حقيقة فإن العبادة ليست إلا الخضوع والتذلل والطاعة والانقياد ، ولهذا جعل سبحانه اتباع الهوى والانقياد إليه عباده للهوى فقال : « أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ
__________________
(١) سورة آل عمران : ٥٩.
(٢) وفي المتن « ويحكم » بصيغة الجمع.
(٣) سورة النساء : ٦٠.
(٤) سورة البقرة : ٢٥٧.