شيئا وهو لا يريد أن يتم لهم.
______________________________________________________
في الخبر دون غيره من أصناف الكلام الاستفهام والأمر والدعاء ، ولذلك قال : « وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً » (١) « وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً » (٢) « وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ » (٣) وقد يكونان بالعرض في غيره من أنواع الكلام من الاستفهام والأمر والدعاء وذلك نحو قول القائل : أزيد في الدار؟ فإن في ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد وكذا إذا قال : واسني في ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ، وإذا قال : لا تؤذني ففي ضمنه أنه يؤذيه ، انتهى.
ثم اعلم أن مضمون الحديث متفق عليه بين الخاصة والعامة فروى الترمذي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : لا يحل الكذب إلا في ثلاث : يحدث الرجل امرأته ليرضيها ، والكذب في الحرب ، والكذب في الإصلاح بين الناس ، وفي صحيح مسلم قال ابن شهاب وهو أحد رواته : لم أسمع يرخص في شيء مما يقول الناس كذب إلا في ثلاث : الحرب والإصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها ، قال عياض : لا خلاف في جوازه في الثلاث وإنما يجوز في صورة ما يجوز منه فيها فأجاز قوم فيها صريح الكذب وأن يقول ما لم يكن ، لما فيه من المصالح ويندفع فيها الفساد ، قالوا : وقد يجب لنجاة مسلم من القتل ، وقال بعضهم : لا يجوز فيها التصريح بالكذب وإنما يجوز فيها التورية بالمعاريض ، وهي شيء يخلص من المكروه والحرام إلى الجائز ، إما لقصد الإصلاح بين الناس أو لدفع ما يضر أو لغير ذلك وتأول المروي على ذلك.
وقال : مثل أن يعد زوجته أن يفعل لها ويحسن إليها ، ونيته إن قدر الله تعالى أو يأتيها في هذا بلفظ محتمل ، وكلمة مشتركة تفهم من ذلك ما يطيب قلبها ، وكذلك في الإصلاح بين الناس ينقل لهؤلاء من هؤلاء الكلام المحتمل ، وكذلك في الحرب
__________________
(١ و ٢) سورة النساء : ١٢٢ ـ ٨٧.
(٣) سورة مريم : ٥٤.