فقال لا فعظم ذلك علي فقلت بلى والله زعمت فقال لا والله ما زعمته قال فعظم علي فقلت جعلت فداك بلى والله قد قلته قال نعم قد قلته أما علمت أن
______________________________________________________
يقدمه المتكلم أمام كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله زعموا كذا وكذا بالمطية التي يتوصل بها إلى الحاجة وإنما يقال : زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه ، وإنما يحكى عن الألسن على البلاغ فذم من الحديث ما هذا سبيله ، والزعم بالضم والفتح قريب من الظن.
وقال في المصباح : زعم زعما من باب قتل ، وفي الزعم ثلاث لغات : فتح الزاي للحجاز ، وضمها لأسد وكسرها لبعض قيس ، ويطلق بمعنى القول ، ومنه زعمت الحنفية وزعم سيبويه ، أي قال ، وعليه قوله تعالى : « أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ » (١) أي كما أخبرت ، ويطلق على الظن ، يقال : في زعمي كذا وعلى الاعتقاد ، ومنه قوله تعالى : « زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا » (٢).
قال الأزهري : وأكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه ولا يتحقق ، وقال بعضهم : هو كناية عن الكذب ، وقال المرزوقي : أكثر ما يستعمل فيما كان باطلا وفيه ارتياب ، وقال ابن القوطية : زعم زعما قال خبرا لا يدري أحق هو أو باطل ، قال الخطابي : ولذا قيل : زعم مطية الكذب ، وزعم غير مزعم ، قال غير مقول صالح ، وادعى ما لا يمكن ، انتهى.
أقول : وإذا علمت ذلك ظهر لك أن الزعم إما حقيقة لغوية أو عرفية أو شرعية في الكذب ، أو ما قيل بالظن أو بالوهم من غير علم وبصيرة ، فإسناده إلى من لا يكون قوله إلا عن حقيقة ويقين ليس من دأب أصحاب اليقين ، وإن كان مراده مطلق القول أو القول عن علم فغرضه عليهالسلام تأديبه وتعليمه آداب الخطاب مع أئمة الهدى وسائر أولي الألباب.
__________________
(١) سورة الإسراء : ٩٢.
(٢) سورة التغابن : ٧.