.................................................................................................
______________________________________________________
« وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ » (١).
قال المحقق الشريف في حواشي الكشاف عند تفسير هذه الآية : فإن قيل : لا فائدة في الإخبار بأن من يقول كذا وكذا من الناس؟ أجيب : بأن فائدته التنبيه على أن الصفات المذكورة تنافي النوع الإنساني ، فينبغي أن يجهل كون المتصف بها من الناس ويتعجب منه ، ورد بأن مثل هذا التركيب قد يأتي في مواضع لا يتأتى فيها مثل هذا الاعتبار ، ولا يقصد منها إلا الإخبار بأن من هذا الجنس طائفة متصفة بكذا ، كقوله تعالى : « مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ » (٢).
فالأولى أن يجعل مضمون الجار والمجرور مبتدأ على معنى وبعض الناس ، أو بعض منهم من اتصف بما ذكر ، فيكون مناط الفائدة تلك الأوصاف ولا استبعاد في وقوع الظرف بتأويل معناه مبتدءا ، انتهى كلامه.
ثم لما كان مضمون هذا الخبر مظنة التردد والإنكار حسن فيه التأكيد ، فإن قلت : المخاطب هو النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو لا يتردد في أن أفعاله سبحانه مبنية على الحكم العميمة والمصالح العظيمة؟ قلت : أمثال هذه الخطابات من قبيل : « اسمعي يا جارة » (٣) وأكثر ما خاطب الله سبحانه الأنبياء صلىاللهعليهوآلهوسلم من هذا القبيل ولا ريب أن أكثر الخلق مترددون في مضمون ذلك الخبر بل ربما ينكره بعضهم.
__________________
(١) سورة البقرة : ٨.
(٢) سورة الأحزاب : ٢٣.
(٣) قد ورد عن المعصومين عليهمالسلام : « ان القرآن نزل باياك أعنى واسمعى يا جارة » وهذا مثل يضرب لمن يتكلم بكلام ويريد به شيئا غيره ، وقيل : ان اول من قال ذلك سهل بن مالك الفزارى ، ذكر قصته في مجمع الامثال ، وقال الطريحى هو مثل يراد به التعريض للشيء يعنى ان القرآن خوطب به النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لكن المراد به الأمة.