.................................................................................................
______________________________________________________
عظيم من التردي في غياهب الإلحاد والوقوع في مهاوي الحلول والاتحاد ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ، ونحن نتكلم في هذا المقام بما يسهل تناوله على الأفهام.
فنقول : هذا مبالغة في القرب وبيان لاستيلاء سلطان المحبة على ظاهر العبد وباطنه وسره وعلانيته ، فالمراد والله أعلم : إني إذا أحببت عبدي جذبته إلى محل الأنس وصرفته إلى عالم القدس وصيرت فكره مستغرقا في أسرار الملكوت وحواسه مقصورة على اجتلاء أنوار الجبروت ، فيثبت حينئذ في مقام القرب قدمه ويمتزج بالمحبة لحمه ودمه ، إلى أن يغيب عن نفسه ويذهل عن حسه فيتلاشى الأغيار في نظره حتى أكون له بمنزلة سمعه وبصره كما قال من قال :
جنوني فيك لا يخفى |
|
وناري منك لا تخبو |
فأنت السمع والأبصار |
|
والأركان والقلب |
وقال رحمهالله : « يبطش بها » بالكسر والضم أي يأخذ بها ، وأصل البطش الأخذ بالعنف والسطوة ، انتهى.
الثاني : ما قيل : المعنى أني إذا أحببته كنت كسمعه وبصره في سرعة الإجابة فقوله : إن دعاني أجبته ، إشارة إلى وجه التشبيه يعني إني أجيبه سريعا إن دعاني إلى مقاصده كما يجيبه سمعه عند إرادته سماع المسموعات ، وبصره عند إرادته أبصار المبصرات ، وهذا مثل قول الناس المعروف بينهم : فلان عيني ونور بصري ويدي وعضدي ، وإنما يريدون به التشبيه في معنى من المعاني المناسبة للمقام ، ويسمون هذا تشبيها بليغا بحذف الأداة مثل زيد أسد.
الثالث : أن المعنى أنه تعالى هو المطلوب لهذا العبد عند سمعه للمسموعات وبصره للمبصرات وهكذا ، يعني مني يسمع المسموعات وبها يرجع إلى ، والمقصود أنه يبتدئ بي في سماع المسموعات وينتهي إلى ، فلا يصرف شيئا من جوارحه فيما ليس فيه رضاي ، وإليه أشار بعضهم بقوله : ما رأيت شيئا إلا ورأيت الله قبله أو