.................................................................................................
______________________________________________________
التاسع : وهو مأخذ دقيق ربما يقع في الخواص وأهل الحذر من مزال اللسان ، وهو أن يغتم بسبب ما يبتلي به أحد فيقول : يا مسكين فلان قد غمني أمره وما ابتلي به ويذكر سبب الغم ، فيكون صادقا في اغتمامه ويلهيه الغم من الحذر عن ذكر اسمه فيذكره بما يكرهه فيصير به مغتابا فيكون غمه ورحمته خيرا ولكنه ساقه إلى شر من حيث لا يدري والترحم والتغمم ممكن من دون ذكر اسمه ونسبته إلى ما يكرهه ، فيهيجه الشيطان على ذكر اسمه ليبطل به ثواب اغتمامه وترحمه.
العاشر : الغضب لله فإنه قد يغضب على منكر قارفه إنسان فيظهر غضبه ويذكر اسمه على غير وجه النهي عن المنكر ، وكان الواجب أن يظهر غضبه عليه على ذلك الوجه خاصة ، وهذا مما يقع فيه الخواص أيضا فإنهم يظنون أن الغضب إذا كان لله تعالى كان غدرا كيف كان ، وليس كذلك.
أقول : وعد بعضهم الوجهين الأخيرين مما يختص بأهل الدين والخاصة ، وزاد وجها آخر ، وهو أن ينبعث من الدين داعية التعجب من إنكار المنكر والخطإ في الدين ، فيقول : ما أعجب ما رأيت من فلان ، فإنه قد يكون صادقا ويكون تعجبه من المنكر ، ولكن كان حقه أن يتعجب ولا يذكر اسمه فسهل عليه الشيطان ذكر اسمه في ذكر تعجبه ، فصار به مغتابا من حيث لا يدري وأثم ، ومن ذلك قول الرجل : تعجبت من فلان كيف يحب جاريته وهي قبيحة؟ وكيف يجلس بين يدي فلان وهو جاهل.
ثم قال الشهيد (ره) : إذا عرفت هذه الوجوه التي هي أسباب الغيبة فاعلم أن الطريق في علاج كف اللسان عن الغيبة يقع على وجهين : أحدهما على الجملة والآخر على التفصيل.