.................................................................................................
______________________________________________________
أما ما على الجملة فهو أن يعلم تعرضه لسخط الله تعالى بغيبته كما قد سمعته في الأخبار المتقدمة وأن يعلم أنه يحبط حسناته فإنها تنقل في القيامة حسناته إلى من اغتابه بدلا عما أخذ من عرضه ، فإن لم تكن له حسنات نقل إليه من سيئاته وهو مع ذلك متعرض لمقت الله تعالى ومشبه عنده بأكل الميتة ، وقد روي عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنه قال : ما النار في اليبس بأسرع من الغيبة في حسنات العبد ، وينفعه أيضا أن يتدبر في نفسه فإن وجد فيها عيبا اشتغل بعيب نفسه ، وذكر قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : طوبى لمن شغله عيبه عن عيوب الناس ، ومهما وجد عيبا فينبغي أن يستحيي أن يترك نفسه ويذم غيره ، بل ينبغي أن يعلم أن عجز غيره عن نفسه في التنزه عن ذلك العيب كعجزه إن كان ذلك عيبا يتعلق بفعله واختياره ، وإن كان أمرا خلقيا فالذم له ذم للخالق فإن من ذم صنعة فقد ذم الصانع ، وإن لم يجد عيبا في نفسه فليشكر الله ولا يلوثن نفسه بأعظم العيوب ، بل لو أنصف من نفسه لعلم أن ظنه بنفسه أنه بريء من كل عيب جهل بنفسه ، وهو من أعظم العيوب وينفعه أن يعلم أن يعلم أن تألم غيره بغيبته كتألمه بغيبة غيره له ، فإذا كان لا يرضى لنفسه أن يغتاب فينبغي أن لا يرضى لغيره ما لا يرضاه لنفسه.
وأما التفصيلية فهو أن ينظر إلى السبب الباعث له على الغيبة ويعالجه فإن علاج الغيبة بقطع سببها ، وقد عرفت الأسباب الباعثة ، أما الغضب فيعالجه بالتفكر فيما مضى من ذم الغضب وفيما تقدم من فضل كظم الغيظ ومثوباته ، وأما الموافقة فبأن تعلم أن الله تعالى يغضب عليك ، إذا طلبت سخطه في رضا المخلوقين ، فكيف ترضى لنفسك أن توقر غيرك وتحقر مولاك ، إلا أن يكون غضبك لله تعالى ، وذلك لا يوجب أن تذكر المغضوب عليه بسوء ، بل ينبغي أن تغضب لله أيضا على رفقائك إذا ذكروه وبالسوء ، فإنهم عصوا ربك بأفحش الذنوب وهو الغيبة.