فإذا نزع منه الحياء لم تلقه إلا خائنا مخونا فإذا كان خائنا مخونا نزعت منه الأمانة فإذا نزعت منه الأمانة لم تلقه إلا فظا غليظا فإذا كان فظا غليظا
______________________________________________________
استحقاقه للطف « نزع منه الحياء » أي سلب التوفيق منه حتى يخلع لباس الحياء ، وهو خلق يمنع من القبائح والتقصير في حقوق الخلق والخالق « فإذا نزع منه الحياء » المانع من ارتكاب القبائح « لم تلقه إلا خائنا مخونا » وقد مر معنى الخائن وذمه ، وأما المخون فيحتمل أن يكون بفتح الميم وضم الخاء أي يخونه الناس فذمه باعتبار أنه السبب فيه ، أو المراد أنه يخون نفسه أيضا ويجعله مستحقا للعقاب فهو خائن لغيره ولنفسه ، وبهذا الاعتبار مخون ففي كل خيانة خيانتان أو يكون بضم الميم وفتح الخاء وفتح الواو المشددة أي منسوبا إلى الخيانة مشهورا به ، أو بكسر الواو المشددة أي ينسب الناس إلى الخيانة مع كونه خائنا.
في القاموس : الخون أن يؤتمن الإنسان فلا ينصح ، خانه خونا وخيانة واختانه فهو خائن ، وقد خانه العهد والأمانة وخونه تخوينا نسبه إلى الخيانة ونقصه.
« نزعت منه الأمانة » لأنها ضد الخيانة ، فإن قيل : كان هذا معلوما لا ـ يحتاج إلى البيان؟ قلت : يحتمل أن يكون المراد أنه إذا لم يبال من الخيانة يصير بالأخرة إلى أنه يسلب منه الأمانة بالكلية ، أو المعنى أنه يصير بحيث لا يأتمنه الناس على شيء.
« لم تلقه إلا فظا غليظا » في القاموس : الفظ الغليظ السيء الخلق القاسي الخشن الكلام ، انتهى.
والغلظة : ضد الرقة والمراد هنا قساوة القلب وغلظته ، كما قال تعالى : « وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ » (١) وتفرع هذا على نزع الأمانة ظاهر لأن الخائن
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٥٩.