« وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وَلا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ
______________________________________________________
« وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ » قيل : أخذ العهد منهم بأن لا يقتلوا أنفسهم كما يفعله من يصعب عليه الزمان للتخلص من الصعوبة ، وكما يفعله أهل الهند للتخلص من عالم الفساد واللحوق بعالم النور ، وقيل : بأن لا يفعلوا ما يوجب قتلهم وإخراجهم من ديارهم ، وقيل : بأن لا يقتل بعضهم بعضا ولا يخرج بعضهم بعضا من وطنه ، وإنما جعل قتل الرجل وإخراجه غيره قتل نفسه وإخراجها لاتصاله به نسبا أو دينا ، أو لأنه يقتص منه فكأنه قتل نفسه وقيل : بأن لا يفعلوا ما يصرفهم في الحياة الأبدية التي هي الحياة الحقيقية وما يمنعهم من الجنة التي هي دار القرار ، فإنه الجلاء الحقيقي.
« ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ » أي ثم أقررتم بالميثاق واعترفتم على أنفسكم بلزومه « وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ » عليها ، وهذا تأكيد كقولك أقر فلان على نفسه بكذا شاهدا عليها أو اعترفتم على قبوله وشهد بعضكم على بعض بذلك ، أو أنتم تشهدون يا معشر اليهود على إقرار أسلافكم بهذا الميثاق فيكون إسناد الإقرار إلى المخاطبين مجازيا.
« ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ » قيل : ثم استبعاد لما أسند إليهم من القتل والأجلاء والعدوان بعد الميثاق منهم وإقرارهم وشهادتهم ، وأنتم مبتدأ وهؤلاء خبره والمعنى أنتم بعد ذلك هؤلاء الناقضون الشاهدون يعني أنتم قوم آخرون غير هؤلاء الشاهدين ، كقولك رجعت بغير الوجه الذي خرجت ، أي ما أنت الذي كنت من قبل نزل تغير الصفة منزلة تغير الذات ، وتقتلون حينئذ بيان لهذه الجملة.
وقيل : أنتم مبتدأ وتقتلون خبره ، وهؤلاء إما منصوب بتقدير أعني أو منادي بحذف حرف النداء عند من جوز حذف حرف النداء في المبهمات كسيبويه وأتباعه وقيل : أنتم مبتدأ وهؤلاء بمعنى الذين وتقتلون صلته ، أي ثم أنتم الذين تقتلون ،