دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ
______________________________________________________
وهذا عند الكوفيين ، وأما البصريون فلا يجوزون أن يكون هؤلاء وأولاء وهذا بمعنى الموصول.
وقيل : أنتم مبتدأ وهؤلاء خبره بحذف المضاف ، أي مثل هؤلاء « تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ » قيل : هو حال عن فاعل تخرجون أو عن مفعوله أو كليهما ، والتظاهر التعاون من الظهر أي تتعاونون عليهم ، وقيل : ولما كان الإخراج من الديار وقتل البعض بعضا مما تعظم به الفتنة ، واحتيج فيه إلى زيادة اقتدار عليه ، بين الله تعالى أنهم فعلوه على وجه الاستعانة بمن يظاهرهم على الظلم والعدوان ، وفيه دلالة على أن الظلم كما هو محرم فكذا إعانة الظالم على ظلمه محرمة ، ولا يشكل هذا بتمكين الله تعالى الظالم من الظلم فإنه كما مكنه فقد زجره بخلاف معين الظالم ، فإنه يدعوه إلى الظلم ويحسنه عنده.
« وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ » قال المفسرون : قريظة وهم قبيلة من يهود خيبر كانوا حلفاء الأوس والنضير ، وهم قبيلة أخرى كانوا حلفاء الخزرج ، فإذا اقتتلا عاون كل فريق حلفاءه في القتل وتخريب الديار وإخراج أهلها ، وإذا أسر رجل من الفريقين جمعوا له حتى يفدوه فعيرتهم العرب وقالت : كيف تقاتلونهم ثم تفدونهم ، فيقولون أمرنا أن نفديهم وحرم علينا قتالهم ، ولكنا نستحيي أن نذل حلفاءنا فذمهم الله على ذلك إذ أتوا ببعض الواجب وتركوا البعض ، وقيل : معناه إن يأتوكم أسارى في أيدي الشياطين تتصدون لإنقاذهم بالإرشاد والوعظ مع تضييعكم أنفسكم ، كقوله : « أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ » (١).
وأسارى جمع أسرى كسكارى وسكرى ، وأسرى جمع أسير كمرضي ومريض ، وقيل : أسارى أيضا جمع أسير ، وقيل : هو من الجموع التي تركوا مفردها كأنه جمع أسران كعجالي وعجلان.
__________________
(١) سورة البقرة : ٤٤.