عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ » (١) فكفرهم بترك ما أمر الله عز وجل به ونسبهم إلى الإيمان ولم يقبله منهم ولم
______________________________________________________
« وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ » متعلق بقوله : وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، وما بينهما اعتراض ، والضمير للشأن أو مبهم ، ويفسره إخراجهم أو راجع إلى ما دل عليه يخرجون من المصدر ، وإخراجهم تأكيد أو بيان له « أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ » يعني الفداء « وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ » يعني حرمة المقاتلة والأجلاء.
وأقول : ويظهر من الخبر أن المراد بالكفر هنا ترك ما أمر الله تعالى به من الكف عن قتلهم وإخراجهم ، وكان التعبير عنه بترك ما أمر الله به دون فعل ما نهى الله عنه ليشمل ترك الطاعات أيضا وهو أهم وأعظم ، أو لأن المقصود في النهي عن المعاصي حصول أضدادها ، فإن النهي عن شرب الخمر الغرض منه حفظ العقل والغرض من النهي عن الزنا حفظ الأنساب ، وعن القتل حفظ النفوس ، وهكذا ويظهر مما سيأتي في تأويل الآية بروايات أهل البيت عليهمالسلام أنها نزلت في ترك القول بإمامة أهل البيت عليهمالسلام ، وما تفرع على ذلك من قتلهم وإخراجهم عن الإمامة وإخراج أصحابهم كأبي ذر رضياللهعنه عن ديارهم نكتة أخرى أظهر مما ذكرنا كما لا يخفى على المتأمل.
« ونسبهم إلى الإيمان » أي الإيمان الظاهري حيث ورد في تفسير النعماني في سياق هذا الخبر ، فكانوا كفارا لتركهم ما أمر الله به فنسبهم إلى الإيمان بإقرارهم بألسنتهم على الظاهر دون الباطن ، فلم ينفعهم ذلك لقوله « فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ » الآية.
قال الطبرسي (ره) : ومما يسأل في هذه الآية أن ظاهرها يقتضي صحة اجتماع الإيمان والكفر ، وذلك مناف للصحيح من المذهب؟ والقول فيه : أن المعنى أنهم أظهروا التصديق ببعض الكتاب والإنكار للبعض ، ويحتمل أن يكون المراد بذلك
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٤.