ينفعهم عنده فقال « فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ » (١).
______________________________________________________
أنكم إذا اعتقدتم جميع ذلك ثم عملتم ببعضه دون بعض فكأنكم آمنتم ببعضه دون بعض ، وهذا يدل على أنه لا ينفعهم الإيمان بالبعض مع الكفر بالبعض الآخر ، انتهى.
« فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ » أي الكفر أو الجمع بين الأمرين « إِلاَّ خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا » كقتل بني قريظة وسبي نسائهم وذراريهم ، وأجلاء بني النضير لنقض عهدهم وضرب الجزية على غيرهم ، والخزي ذل يستحيي منه ، يقال : أخزاه الله أي إهانة وأوقعه موقعا يستحيي منه ، وتنكير خزي يدل على فظاعة شأنه وأنه بلغ مبلغا لا يعرف كنهه.
« إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ » قيل : عذاب منكري الصانع كالدهرية يجب أن يكون أشد فكيف وصف عذاب اليهود بأنه أشد؟ وأجيب أولا بأن كفر العناد أشد فعذابهم أشد ، وثانيا بأن المراد أن عذابهم أشد من الخزي لا مطلقا « وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ » قيل : هذا وعيد شديد للعاصين ، وبشارة عظيمة للمطيعين ، لأن القدرة الكاملة مع عدم الغفلة يقتضي وصول الحقوق إلى مستحقيها.
وأقول : قال الإمام عليهالسلام في تفسيره : قوله عز وجل : « إِخْراجُهُمْ » ولم يقتصر على أن يقول وهو محرم عليكم لأنه لو قال ذلك لرأي أن المحرم إنما هو مفاداتهم ثم قال عزوجل : « أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ » وهو الذي أوجب عليكم المفاداة « وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ » وهو الذي حرم قتلهم وإخراجهم ، فقال فإذا كان قد حرم الكتاب قتل النفوس والإخراج من الديار كما فرض فداء الأسراء فما بالكم تطيعون في بعض وتعصون في بعض؟ كأنكم ببعض كافرون وببعض مؤمنون ، ثم قال عزوجل : « فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ » يا معشر اليهود « إِلاَّ خِزْيٌ » ذل « فِي
__________________
(١) سورة البقرة : ٨٥.