تاريخ يقابل تاريخاً ، وعقيدة سامية تصادم عقيدة فاسدة. عمد اول الامر الى عقد هدنة وتحالف مع يهود يثرب وذلك لكي لا يطعنوه من وراء وهو منهمك في قتال قريش ، ثم ارتد الى تحصين مواقعه ، حيث اشار عليه رجل فارسي اسمه ( سلمان ) كان قد آمن به ، ان يحفر خنادق حول المدينة ، فبدأ بالحفر.
وهنا ظهرت بشائر كاد المسلمون يذهلون فرحاً (١). عندئذ خلع النبي عمامته ، وادارها حول رأس علي البطل وقبّله بين عينيه وقال ودمعتان تتدحرجان على لحيته الكريمة : ( اذهب وروح القدس يؤيدك ) (٢).
ان شخصية هذا المنقذ العظيم تبهر النفوس وتأسر القلوب ، فهي التي ادت رسالة الاسلام على اكمل وجه واطاحت بقوى الظلم والطغيان والاستبداد والجهل. فياله من عبقرية خالدة لم تزل مناراً وهاجاً للشعوب التي تتطلع الى عالم افضل. فالبشرية كلها لم تنجب شخصية مثالية برزت الى العالم ودوخت ارجاء الارض وملكت به صولجان الممالك الواسعة كشخصية الرسول الكريم محمد صلىاللهعليهوآله ، وان الرسالة التي اداها النبي العربي الكريم ما زالت السراج المنير طيلة اثني عشر قرناً ، لنحو مائتي مليون من الناس ، وما زالت حافلة بالعظمة والمجد وكان محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم مصلحاً دينياً ذا عقيدة راسخة ، وبلغ من الكمال بهاتيك الدعوة العظيمة التي جعلته من اسطع انوار الانسانية ، عرّف للناس اطوار حياتها بدقائقها.
__________________
(١) محمد ـ د. علي شلق / ص ٥٣.
(٢) المصدر السابق / ص ٥٦.