يلازم ابن عمه محمد ملازمة الظل لصاحبه يكاد لا يفارقه ابداً. كانت فاطمة بنت اسد سعيدة جداً بملازمة ولدها علي لمحمد ، كما هو شأن ابي طالب ، ورغم ان قريش كانوا يلاحقون محمداً بالأذى ، ويتربصون به الفرصة ، فقد كان علي لابن عمه اكثر من ظل ، وكانت الوالدة المؤمنة تحث ولدها وتدفعه على ذلك (١).
لقد عجز فصحاء العرب وبلغاؤها ان يجاوره في مضمار الفصاحة والبلاغة ، وخير ما يثبت ذلك بلاغته وفصاحته في كتاب ( نهج البلاغة ) ذلك السفر القيّم الذي لا يرقى اليه شك ولايستغني عنه العلماء الاعلام والسياسيون المحنكون والمفكرون قاطبة لما تضمن من فنون الحكمة والمعرفة واساليب السياسة وقوانين المجتمعات وحقائق الايمان ومعرفة الصانع وتهذيب النفس والحث على مكارم الاخلاق والتمسك بأهداب الفضيلة والمثل العليا. وينص التاريخ انه قتل شهيداً في المسجد عند سجوده في صلاة الصبح فخر صريعاً وهو يقول ( فزت ورب الكعبة ) فكان شهيد المحراب الاول. هذا الرجل الانساني كان انشودة الثورة في تاريخ الاسلام كله. حاز على صفات الكمال التي هي صفات العقل ، وانه مثل العقل النبوي الذي لاجله وجدت جميع الموجودات. وحسب القارئ ما روي عن الصادق سلام الله عليه : ( ان علياً انما بلغ ما بلغ به عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بصدق الحديث واداء الامانة ، كان نموذجاً للحكم وربيباً للنبي وازهد الصحابة ) (٢).
__________________
(١) بين يدي الرسول الاعظم / محمد بحر العلوم القسم الثاني / ص ٧٩.
(٢) فاطمة الزهراء ام ابيها / فاضل الحسيني الميلاني / ص ٣٥.