منها قديمة بشخصها ، وصورها الجسمية قديمة بنوعها لا بشخصها ، والصور النوعية قديمة بجنسها لابنوعها ولا بشخصها.
الثالث أن يكون قديم الذات محدثة (١) الصفات ، وهو قول من تقدم أرسطو بالزمان كثاليس الملطي ، والنكاغورس ، وفيثاغورس ، وسقراط ، وجميع الثنوية كالمانوية ، والديصانية ، والمرقوبية ، والماهانية. ثم هؤلاء افترقوا فرقتين : فذهب بعضهم إلى أن تلك الذات القديمة كانت جسما ، ثم اختلف هؤلاء : فزعم ثاليس أنه الماء ، لانه قابل لكل الصور ، وزعم أنه إذا انجمد صار أرضا وإذا لطف صار هواء ومن صفق الماء تكونت النار ، ومن النار تكون الدخان ، ومن الدخان تكونت السماء. ويقال : إنه أخذه من التورية لانه جاء في السفر الاول منه : إن الله تعالى خلق جوهرا فنظر نظر الهيبة فذابت أجزاؤه فصارت ماء ، ثم ارتفع بخار كالدخان فخلق منه السماوات ، وظهر على وجه الماء زبد فخلق منه الارض ، ثم أرساها بالجبال. وأما النكسيمايس فإنه زعم أن ذلك الجسم هو الهواء ، والنار تكونت من لطافته ، والماء والارض من كثافته ، وتكونت الاشياء عنها بالتلطيف. وقال آخرون : إنه البخار ، وتكون الهواء والنار عنه بالتلطيف والماء والارض بالتكثيف. وذهب انوفليطيس أنه النار ، وكونت الاشياء عنها بالتكاثف. وحكي أيضا أنه زعم أن الاشياء إنما انتظمت بالبخت ، وجوهر البخت هو نظر عقلي ينفذ في الجوهر الكلي وأما انكساغورس فإنه قال : ذلك الجسم هو الخليط الذي لانهاية له ، وهو أجسام غير متناهية ، وفيه من كل نوع أجزاء صغيرة ، مثلا فيه أجزاء على طبيعة الخبز ، وأجزاء على طبيعة اللحم ، فإذا اجتمع من تلك الاجزاء شئ كثير فصار بحيث يحس ويرى ظن أنه حدث. وهذا القائل بنى مذهبه على إنكار المزاج والاستحالة ، وقال بالكمون والظهور. وزعم بعض هولاء أن ذلك الخليط كان ساكنا في الازل ثم إن الله تعالى حركه فتكون منه هذا العالم. وذهب ذيمقراطيس إلى أن أصل العالم أجزاء كثيرة كرية الشكل قابلة للقسمة الوهمية دون
____________________
(١) المحدث ( خ ).