بيان : « الساطح » الباسط ، و « المسيل » المجري ، و « الوهاد » جمع « وهدة » وهي الارض المنخفضة ، وأخصب الله الارض أي جعلها كثيرة العشب والكلاء ، و « النجاد » بالكسر جمع « نجد » بالفتح وهو المرتفع من الارض « ولا لازليته انقضاء » أي في جانب الابد ، أي أزليته أزلية مقرونة بالابدية ، ويمكن أن يكون إشارة إلى أن الازلية تستلزم الابدية إذ ماثبت قدمه امتنع عدمه ، أو في جانب الازل إذا رجع الوهم إليه. ولا يخفى دلالة تلك الفقرات على اختصاص الازلية به و حدوث ما سواه ، إذ ذكر الصفات المشتركة بينه وبين خلقه لا يناسب مقام المدح. ثم صرح عليهالسلام بذلك بقوله « لم يخلق الاشياء من أصول أزلية » ردا على مازعمته الحكماء من الهيولى القديمة ونحو ذلك و « الابد » بالتحريك الدهر ، و « الدائم » و « القديم » الازلي كما ذكره في القاموس وقيل : الزمان الطويل الذي ليس بمحدود ، والظاهر أنه تأكيد وتفسير للفقرة الاولى ، ويحتمل أن يكون المراد الامثلة التي يخلق الله تعالى الاشياء على حذوها. وفي بعض النسخ « بدية » والبدي كرضي الاول « من أوائل » سابقة على إيجادها (١).
____________________
(١) الازلية والقدم مترادفان ، ومعناهما كون الموجود بحيث لا يسبقه عدم ، فان أضيف إلى العدم الذاتى سمى قدما ذاتيا ، وإن اضيف إلى العدم الزمانى سمى قدما زمانيا وحيث إن الزمان مقدار الحركة ، والحركة تختص بالاجسام ، فاذا لم يكن جسم لم يكن زمان ، وكل شيئ غير جسمانى فانه خارج عن حيطة الزمان البتة ، فلو وجد شئ مجرد عن المادة كان لامحالة غير محدود بالزمان.
وحيث إن الجسم لا ينفك عن الحركة بناء على القول بالحركة الجوهرية فكلما فرض جسم كان حادثا زمانيا.
والواجب تعالى قديم أزلى ذاتا بمعنى كون الوجود عين ذاته واستحالة العدم عليه بوجه وزمانا بمعنى كونه خارجا عن ظرف الزمان ومنزها عن مقارنته لا بمعنى كونه مقارنا لزمان غير متناه من جهة البدء وأما ما سواه فعلى القول بوجود المجردات المحضة والموجودات النورية العالية فانها أيضا غير مقيدة بالزمان لكنها لا تشارك الواجب تعالى في الازلية الذاتية.
وأما المادة أعنى الهيولى الاولى فليست من الموجودات المتحصلة ، وتحصلها إنما يكون بالصور ، ولا شئ من الصور الجسمانية بقديم لما ذكرنا. نعم على القول بقدم الصور الفلكية كما يراه بعض الفلاسفة تكون مادتها أيضا قديمة لكنها على كل حال ليست موجودة قيل الاشياء ولا أصلا أزليا للكائنات.