يومين في يوم الثلثاء ويوم الاربعاء ، كما قال تعالى « أئنكم لتكفرون بالذي خلق الارض في يومين إلى قوله ثم استوى إلى السماء وهي دخان » فكان ذلك الدخان من نفس الماء حين تنفس فجعلها سماء واحدة ، ثم فتقها وجعلها سبعا في يومين في يوم الخميس ويوم الجمعة ، وإنما سمي بالجمعة لانه جمع فيه خلق السماوات و الارض ، ثم قال تعالى « وأوحى في كل سماء أمرها » أي وجعل في كل سماء خلقها من الملائكة والبحار (١) وجبال البرد ، ثم قال : وما ذكرنا من الاخبار عن بدء الخليقة هو ما جاءت به الشريعة ، ونقله الخلف عن السلف ، والباقي عن الماضي ، عبرنا عنهم على ما نقل إلينا من ألفاظهم ، ووجدنا في كتبهم من شهادة الدلائل بحدوث العالم وإيضاحها بكونه ، ولم نعرض لوصف قول من وافق ذلك و انقاد إليه من الملل القائلين بالحدوث ، ولا الرد على من سواهم ممن خالف ذلك و قال بالقدم ، لذكرنا ذلك فيما سلف من كتبنا وتقدم من تصانيفنا « انتهى » (٢).
وقد ذكر أبوريحان البيروني في تاريخه مدة عمر الدنيا وابتداء وجودها عن جماعة من المنجمين والحكماء ، وقطع لها بالابتداء ، واستدل عليه فلا نطيل الكلام بإيرادها.
وقال ابن الاثير في « الكامل » : صح في الخبر عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فيما رواه عنه عبادة بن الصامت أنه سمعه يقول : إن أول ما خلق الله القلم ، فقال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن. وروى نحو ذلك عن ابن عباس. وقال محمد ابن إسحاق أول ما خلق الله تعالى النور والظلمة ، فجعل الظلمة ليلا أسود ، و جعل النهار نورا (٣) مضيئا ، والاول أصح. وعن ابن عباس أنه قال : إن الله تعالى كان عرشه! قبل أن يخلق شيئا ، فكان أول ما خلق القلم ، فجرى بما هو كائن إلى يوم القيامة. قال : ثم خلق بعد القلم الغمام ، وقيل : ثم اللوح ثم الغمام.
____________________
(١) في المخطوطة : والبخار.
(٢) مروج الذهب : ج ١ص١٥١٧.
(٣) في بعض النسخ : وجعل النور نهارا.