الرياح على الماء ، فتفجر الماء (١) من أمواجه ، فارتفع عنه الدخان ، وعلا فوق الزبد ، فخلق من دخانه السماوات السبع ، فخلق من زبده الارضين السبع ، فبسط الارض على الماء ، وجعل الماء على الصفا ، والصفا على الحوت ، والحوت على الثور والثور على الصخرة التي ذكرها لقمان لابنه فقال « يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الارض يأت بها الله » والصخره على الثرى ، ولا يعلم ما تحت الثرى إلا الله. فلما خلق الله الارض دحاها من تحت الكعبة ثم بسطها على الماء ، فأحاطت بكل شئ ، ففخرت الارض وقالت : أحطت بكل شئ فمن يغلبني؟ وكان في كل اذن من آذان الحوت سلسلة من ذهب مقرونة الطراف بالعرش ، فأمر الله الحوت فتحركت (١) فتكفأت الارض بأهلها كما تكفئ السفينة على متن الماء قد اشتدت أمواجه ، ولم تستطع الارض الامتناع ، ففخرت الحوت وقالت : غلبت الارض التي أحاطت بكل شئ فمن يغلبني؟ فخلق الله عز وجل الجبال فأرسيها ، وثقل الارض بها ، فلم يستطع الحوت أن يتحرك ، ففخرت الجبال وقالت : غلبت الحوت التي غلبت الارض فمن يغلبني؟ فخلق الله عزوجل الحديد ، فقطعت به الجبال ، ولم يكن عندها دفاع ولا امتناع ، ففخر الحديد وقال : غلبت الجبال التي غلبت الحوت فمن يغلبني؟ فخلق الله عزوجل النار فألانت الحديد وفرقت أجزاءه ولم يكن عند الحديد دفاع ولا امتناع ، ففخرت النار وقالت : غلبت الحديد الذي غلب الجبال فمن يغلبني؟ فخلق الله عزوجل الماء فأطفأ النار ولم يكن عندها دفاع ولا امتناع ، ففخر الماء وقال : غلبت النار التي غلبت الحديد فمن يغلبني؟ فخلق الله عزوجل الريح (٢) فأيبست الماء ففخرت الريح و قالت : غلبت الماء الذي غلب النار فمن يغلبني؟ فخلق الله عزوجل الانسان فصرف الرياح (٣) عن مجاريها بالبنيان ففخر الانسان وقال : غلبت الريح التي
____________________
(١) في بعض النسخ « فتحرك » وفيها اثبتت الافعال الاتية المسندة إلى ضمير الحوت مذكرة أما التذكير فظاهر وأما التأنيث فباعتبار أن معناه « السمكة ».
(٢) في النسخة « قال : غلبت فأيبست الماء » وهو حشو « ب ».
(٣) في بعض النسخ : الريح.