أقول : ثم ذكر وجوها اخرى لاطائل تحتها ، وفيما نقل عنه أيضا مخالفات لاصول المسلمين ومناقشات لايخفى على المتدبرين.
« هو الذي جعل الشمس ضياء » قال البيضاوي : أي ذات ضياء ، وهو مصدر كقيام ، أو جمع ضوء كسياط وسوط ، والياء فيه منقلبة عن الواو ، وعن ابن كثير « ضئاء » بهمزتين في كل القرآن على القلب بتقديم اللام على العين « والقمر نورا » أي ذانور ، أو سمي نورا للمبالغة وهو أعم من الضوء ، وقيل : ما بالذات ضوء و ما بالعرض نور ، وقد نبه سبحانه بذلك على أنه خلق الشمس نيرة بذاتها (١) و القمر نيرا بعرض مقابلة الشمس (٢) « وقدره منازل » الضمير لكل واحد أي قدر مسير كل واحد منهما منازل ، أو قدره ذا منازل ، أو للقمر ، وتخصيصه بالذكر لسرعة سيره ومعاينة منازله وإناطة أحكام الشرع به ، ولذلك علله (٣) بقوله « لتعلموا عدد السنين والحساب » أي حساب الاوقات من الاشهر والايام في معاملاتكم و تصرفاتكم « ما خلق الله ذلك إلا بالحق » إلا متلبسا بالحق مراعيا فيه مقتضى الحكمة البالغة « يفصل الآيات لقوم يعلمون » فإنهم المنتفعون بالتأمل فيها (٤) « انتهى ».
« إن في اختلاف الليل والنهار » أي مجيئ كل منهما خلف الآخر ، أو اختلافهما بالزيادة والنقصان المستلزم لحصول الفصول الاربعة « وما خلق الله في السماوات والارض » أي من الكواكب والملائكة والمواليد وأنواع الارزاق و النعم « لآيات » أي دلالات على وجود الصانع تعالى وعلمه وقدرته وحكمته و لطفه ورحمته « لقوم يتقون » الشرك والمعاصي ، فإنهم المنتفعون بها. « هو الذي جعل لكم الليل لتسكنوا فيه » أي لسكونكم وراحتكم وراحة قواكم من التعب
____________________
(١) في المصدر : في ذاتها.
(٢) في المصدر : مقابلة الشمس والاكتساب منها.
(٣) في المصدر : علل.
(٤) انوار التنزيل : ج ١ ، ص ٥٢٩.