السبت ، لعدم إمكان اجتماعهما على ما مر ينبغي حملها على أن لايكون التفسير المذكور من كلام الامام ، بل من كلام بعض الرواة ، لازالة الابهام عنها على حسب اعتقاده ومثل ذلك ليس بعزيز في الروايات.
ثم إذا أتقنت هذا المسلك يتبين لك الحق بمعونته في كثير مما وقع الخلاف فيه ، فمن ذلك أن الامة بعد اتفاقهم على وقوع هجرة نبينا صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة في السنة الرابعة عشر من المبعث اختلفوا في شهرها ويومها بالنسبة إلى الشهر وبالنسبة إلى الاسبوع ، فقيل : يوم الاثنين السادس والعشرون من صفر ، وقيل : ليلة الاثنين السابع والعشرون منه ، وقيل : يوم الخميس أول ربيع الاول ، و قيل : يوم الثلثاء ثامنه ، وقيل : يوم الاثنين بدون ذكرشهرها ، وقيل : أول ربيع الاول بدون ذكر يومه ، وقيل : الرابع منه ، وقيل : العاشر منه كذلك ، فهذه أقوال ثمانية ، ولما عرفنا مامر من مطابقة غرة المحرم سنة الهجرة ليوم الخميس أو الجمعة واطلعنا على سائر التواريخ المعلومة ومن جملتها أن غرة ربيع المولد يوم الاثنين ، وأن بينها وبين غرة ربيع الهجرة ثلاثا وخمسين سنة ، ووجدناها مشتملة على أسابيع تامة بلا كسر ، ومستلزمة لموافقة غرتيهما يوما ، حصل لنا بتلك المعارف العلم بتهافت القولين الاولين ، لعدم موافقة السادس والعشرين ولا السابع والعشرين من صفر ليوم الاثنين ، وكذا بتهافت القول الثالث والرابع لعدم مطابقة أول ربيع الاول للخميس ، ولا الثامن منه للثلثاء ، ثم نعلم بارتفاع احتمال الثلثاء والخميس من البين ، تعين يوم الاثنين موافقا لليوم الخامس المروي عن ابن عباس بل عن رسول الله (ص). ثم بتعينه بطلان القولين الاخيرين لتنافيهما ، ثم ببطلانهما تعين أول ربيع الاول موافقا للقول السادس المنقول عن الشيخ المفيد ره فتبين لنا أن هجرته صلى الله عليه وآله كانت في يوم الاثنين أول ربيع الاول والحمدلله.
ثم بعد هذا التحقيق إذا نظرنا في تاريخ وصوله صلى الله عليه وآله إلى المدينة واختلاف القوم فيه ، فقيل : لهلال ربيع الاول ، وقيل لليلتين خلتا منه ، وقيل لاثنتا عشرة مضت منه عرفنا بطلان القولين الاولين من طريق العادة ، فتعين القول الاخير