إعمال القدرة والسلطنة تعيّن ان يكون المراد من الإرادة هو هذا المعنى خصوصا وانّ الروايات لا تثبت معنى للإرادة غير هذا المعنى ، نعم لمّا كانت قدرة الله تعالى وسلطنته تامة لا يشوبها نقص فإن المراد الإلهي لا يناط بشيء آخر غير إعمال هذه القدرة والسلطنة.
وهذا هو معنى قوله عليهالسلام في معتبرة صفوان « الإرادة من الخلق الضمير وما يبدوا لهم بعد ذلك من الفعل ، وأما من الله تعالى فإرادته إحداثه لا غير ذلك ، لأنه لا يروى ولا يهم ولا يتفكّر ، وهذه الصفات منفية عنه وهي صفات الخلق ، فإرادة الله الفعل لا غير ذلك ، يقول له كن فيكون بلا لفظ ولا نطق بلسان ولا همة ولا تفكّر ولا كيف كما انّه لا كيف له » (٣).
ثم لا يخفى انّ إعمال القدرة والتي هي المشيئة والإرادة ليست ناشئة عن إعمال القدرة وإلاّ لزم التسلسل ، فالإرادة إذن متخلّقة عن غير إعمال القدرة ، وهذا هو معنى قوله عليهالسلام في معتبرة عمرو بن أذينة « خلق الله المشيئة بنفسها ثم خلق الأشياء بالمشيئة » (٤).
* * *
٤٣ ـ الإرادة التفهيميّة
وهي تعني قصد تفهيم المعنى بواسطة اللفظ ، فهي تختلف عن الإرادة الاستعماليّة من جهة انّ المراد في الإرادة التفهيمية هو ايجاد او قل اخطار صورة المعنى في ذهن المخاطب عن طريق استعمال اللفظ ، وأمّا المراد في الإرادة الاستعمالية فهو ـ كما أفاد السيد الصدر ـ ليس أكثر من قصد الإتيان بما يمهّد للدلالة دون ان يستلزم ذلك قصد التفهيم ، إذ قد لا يكون مراد المستعمل تفهيم المعنى كما أوضحنا ذلك في بحث الإرادة الاستعمالية.
* * *