٤٥ ـ الإرادة التكوينيّة والتشريعيّة
المراد من الإرادة التكوينية ـ بحسب نظر صاحب الكفاية رحمهالله ـ هي العلم بالنظام الاصلح ، وهذا هو المعنى الاول الذي ذكرناه للإرادة الإلهية ، وهذه الإرادة تقتضي إفاضة الوجود على الاشياء بما يتناسب مع علمه تعالى بما هو الأكمل والأتم.
وأما الإرادة التشريعية فهي بمعنى علمه تعالى بمصلحة فعل إذا صدر عن مكلّف بمحض اختياره ، فالفعل في علم الله تعالى انّما يكون واجدا للمصلحة عند ما يصدر بواسطة المكلّف ويكون عن اختيار. وهذا المعنى للإرادة التكوينية والتشريعية هو ما تبنّاه مشهور الفلاسفة.
المعنى الثاني : هو انّ الإرادة لمّا كانت بمعنى الحب والرغبة فهي تارة تتعلّق بالافعال الصادر عن المريد مباشرة ، كما لو كان الحب والإرادة متعلّقة بأن يحيي ويميت وفي الإنسان بأن يتزوج ، فهذه الإرادة هي المعبّر عنها بالإرادة التكوينية ، وتارة تتعلّق الإرادة والرغبة بأن يصدر الفعل عن آخر ، على ان يكون صدوره عنه باختياره ، وهذه هي الإرادة التشريعية ، كما في تعلّق إرادة المولى بأن تصدر الواجبات عن المكلّف عن اختيار منه.
هذا إذا بنينا على انّ الإرادة تعني الحب والرغبة ، وأما لو بنينا على انّ الإرادة بمعنى العزم على الإنجاز والتي هي مرتبة متأخرة عن الحب فإنّه لا توجد في هذه الحالة إلاّ إرادة تكوينيّة وهي العزم على انجاز فعل ، غايته انّ هذا الفعل قد يكون تكوينيا وقد يكون تشريعيا ، بمعنى انّه قد يكون من سنخ الافعال التي لا تتصل بشخص آخر مختار وهذا هو المراد من الفعل التكويني ، وقد يكون من سنخ