العقل من حدود حق الطاعة للمولى جلّ وعلا. كما يتضح مما ذكرناه انّ الاصول العملية العقلية تقع في طول الاصول العمليّة الشرعية أو تكون في بعض الحالات مؤكّدة للأصل العملي الشرعي لاتحاد موضوعيهما.
والمراد من وقوع الاصول العملية العقلية في طول الاصول العملية الشرعية هو انّ الاصول العملية العقلية لا تجري في موارد جريان الاصول العملية الشرعية ، وذلك لانتفاء موضوعها في موارد جريان الاصل العملي الشرعي.
مثلا : التكليف المشكوك إذا كانت له حالة سابقة متيقنة مجرى لاصالة البراءة العقلية لو لا جعل الاستصحاب في هذا المورد وذلك لأنّ موضوع البراءة العقلية هو عدم العلم بالتكليف بقطع النظر عن انّ له حالة سابقة متيقنة لو لم يكن كذلك إلاّ انه وباعتبار ان جعل الاستصحاب يقتضي التعبّد ببقاء المستصحب فإنّ موضوع البراءة العقلية ينتفي حينئذ.
وهكذا لو كان البناء هو جريان أصالة الاشتغال العقلي في الشبهات البدويّة واتفق ان وقع الشك في وجوب شيء ، فإنّ ما يقتضيه الأصل العملي العقلي هو الاشتغال إلاّ انّه اذ لم يكن ثمة مانع عن جريان البراءة الشرعية فإنّ أصالة الاشتغال العقلي لا تجري وذلك لانتفاء موضوعها. بعد افتراض انّ جريانها معلّق على عدم الترخيص الشرعي.
* * *
١٠٤ ـ الاصول العملية المحرزة
وهي من أقسام الاصول العملية الشرعية ، والمقصود من المحرزية هو ان يكون لسان دليل الأصل معبّرا عن جعل الشارع مورد الأصل علما تنزيلا ، فالشارع مثلا جعل مورد الاستصحاب وهو الشك المسبوق