للمولى جلّ وعلا إلاّ ان هذا الأمر مع ذلك لم يصدر بداعي البعث والتحريك وانّما صدر بداعي الإرشاد والتنبيه الى ما يدركه العقل من لزوم طاعة المولى ، وذلك لأنّ صدوره بداعي البعث التأسيسي مبتل بمحذور عقلي هو الدور أو التسلسل ، كما أوضحنا ذلك تحت عنوان « الأمر الإرشادي ».
* * *
١٣٨ ـ الأمر بالأمر
ومورد البحث هو ما لو أمر المولى مكلّفا بأن يأمر مكلفا آخر بشيء ، فهل يلزم المكلّف الآخر امتثال متعلّق الأمر الثاني بحيث يصبح مسئولا عنه وان لم يأمره المكلّف الاول به.
وبتعبير آخر انّ الأمر بالامر بشيء هل يدل على ان متعلّق الامر الثاني مطلوب من المكلّف الثاني وان المولى قد تعلّقت إرادته بايجاد المكلّف الثاني لمتعلّق الأمر الثاني عينا كما لو كان قد وجّه اليه الأمر مباشرة أو ليس له دلالة على ذلك.
مثلا : قوله تعالى : ( وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ ) (٢٧) فإنّ المولى في الآية الشريفة قد أمر المكلّف بأن يأمر أهله « المكلف الثاني » بالصلاة « متعلّق الأمر الثاني » ، فهل انّ الأمر بالأمر يدل على مطلوبية المأمور به الثاني من المكلّف الثاني أو ليس له دلالة على ذلك أو انّ الصحيح هو التفصيل؟
وفي المقام احتمالات ثلاثة :
الاحتمال الاول : انّ المأمور به الثاني ليس مطلوبا مطلقا ، فلا يلزم المكلّف الثاني الجري على وفقه.
ومنشأ هذا الاحتمال هو استظهار اختصاص تعلّق إرادة المولى بمتعلّق الأمر الاول ، بمعنى انّ مصب غرض المولى هو ان يمتثل المكلّف الاول الأمر بالأمر ولا غرض له في ان يجري المكلّف الثاني على وفق المأمور به الثاني. وهذا ما قد يتفق في الأوامر