القرينة ، أما مع عدم القرينة فالمراد من الأمر مجمل ، وذلك لأنّ مجيئه بعد الحظر أو توهمه صالح للقرينية على صرف الظهور عن الوجوب. ومن الواضح انّ احتفاف الكلام بما يصلح للقرينية موجب لإجمال المراد من الكلام ، فكما لا يمكن استظهار المدلول الوضعي للكلام كذلك لا يمكن استظهار معنى آخر ، لأنّ الذي يوجب انعقاد الظهور في المعنى الآخر هو القرينة أما مع عدم القرينة واحتفاف الكلام بما يصلح للقرينية فإن الكلام عندئذ يصبح مجملا ، بمعنى انّ العرف لا يستقرّ معه على معنى معين.
* * *
١٤١ ـ الأمر بين الأمرين
اختلف المتكلّمون في واقع الأفعال الصادرة عن الإنسان ، فذهب الأشاعرة منهم الى انّ الواقع هو صدورها عن الله جلّ وعلا استقلالا وانّ الإنسان مجبر عليها ، فلا فرق بين حركة الدم الجارية في عروقه وبين حركة يده الواقعة على انسان آخر والموجبة لقتله. فتمام ما يصدر عن الإنسان هو فعل الله تعالى دون ان تكون للإنسان أيّ مشيئة في ذلك.
وبهذه النظرية سلبت عن الله جلّ وعلا صفة العدالة ، فهو يعذب ويعاقب الإنسان على فعل لم يصدر عنه.
وفي مقابل هذه النظرية ذهبت المعتزلة الى انّ الأفعال الصادرة عن الإنسان واقعة تحت تأثيره بنحو الاستقلال دون ان يكون للمشيئة الإلهية أيّ تأثير في صدورها عنه ، فليس ثمة من دور لله جلّ وعلا سوى افاضة الوجود على الإنسان ، فمتى ما افيض الوجود عليه استغنى عن الله جلّ وعلا.
وبتعبير آخر يتناسب مع التفويض الفلسفي : انّ الله جلّ وعلا خلق العقل الأول وفوّض اليه الأمر ، فكلّ ما هو علة في عالم الإمكان فهو مستقل في