بينهما نسبة ربطية بل انّ الوجود الممكن هو عين الربط وصرف التعلّق والتدلّي واذا صحّ التعبير فوجوده امتداد للوجود الواجب « جلّ ثناؤه » ، ومن هنا لا تتعقل الاستقلالية في وجوده بعد ان كان الربط والتعلّق هو واقعه وذاته.
وهذا هو معنى الفقر الذاتي للممكنات ، فإفاضة الوجود عليها لا يسلب عنها صفة الفقر بعد ان كان الفقر هو ذاتها ، ومن هنا لو انقطع عنها الفيض لانقطعت عنها كلّ الكمالات مثل الحياة والقدرة أو قل « لم تكن شيئا مذكورا ».
الأمر الثاني : الذي يناط به صدور الفعل عن العبد هو إعماله لقدرته المفاضة عليه من قبل الله جلّ وعلا ، وهو المعبّر عنه بالاختيار.
وهذه الأهلية والتي هي اعمال القدرة لم تكن لو لا انّ الله تعالى أعطاها للإنسان. ومن هنا صح اسناد الأفعال الصادرة عن الإنسان الى الله تعالى باعتباره المفيض للحياة والعلم والقدرة والأهلية لإعمال القدرة ، كما يصح اسنادها للإنسان لانها صدرت عن إرادته واختياره.
وهذا هو الأمر بين الأمرين فلا هو استقلال محض عن مفيض الوجود جلّ وعلا ولا أن أفعال العباد صادرة عن الله ابتداء دون أن يكون لإرادتهم واختيارهم أيّ دخل في صدورها كما ذهبت لذلك الأشاعرة.
ويمكن تقريب نظرية الأمر بين الأمرين بهذا المثال الذي ذكره السيد الخوئي رحمهالله : وهو انّه لو كان هناك مولى له عبد مشلول الحركة تماما ، واتّفق ان كان للسيد وسيلة يتمكن بها من دبّ الحركة الإرادية في جسد عبده ، وكانت هذه الوسيلة خاضعة لإرادة السيد ، بمعنى انّه متى ما أراد ان يبعث الحركة الإرادية في جسد عبده فعل ومتى ما أراد اعادته الى حالة الشلل