أيضا في تفسيره عن عبد الله بن مسكان عن أبي جعفر وأبي عبد الله وأبي الحسن عليهمالسلام عند تفسير قوله تعالى : ( فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ ) أي يقدّر الله كل أمر من الحق ومن الباطل وما يكون في تلك السنة وله فيه البداء والمشيئة ، يقدّم ما يشاء ويؤخر ما يشاء من الآجال والارزاق والبلايا والأعراض والأمراض ويزيد فيها ما يشاء وينقص ما يشاء » (١٥).
فالمراد من البداء هو انّ لله تعالى المشيئة فيما يقضيه ويقدّره ، إلاّ انّ ذلك لا يعني ان مشيته التي قد تقتضي التقديم أو التأخير أو عدم وقوع المعلّق عند عدم وقوع المعلّق عليه نشأت عن عدم علمه بمجاري الامور حيث يظهر له بعد ذلك انّ الأوفق هو تقديم ما قدّر تأخيره أو تأخير ما قدّر تقديمه ، وانما مشيئته اقتضت تدبير خلقه بهذا النحو من التدبير.
ولهذا أكدت الروايات على هذا المعنى :
منها : ما رواه الصدوق في إكمال الدين باسناده عن أبي بصير وسماعه عن أبي عبد الله عليهالسلام : « من زعم انّ الله عزّ وجل يبدو له في شيء لم يعلمه أمس فابرءوا منه » (١٦).
ومنها : ما رواه العياشي عن ابن سنان عن ابي عبد الله عليهالسلام يقول : « انّ الله يقدم ما يشاء ويؤخر ما يشاء ويمحو ما يشاء ويثبت ما يشاء وعنده ام الكتاب ، وقال فكلّ أمر يريده الله فهو في علمه قبل ان يصنعه ليس شيء يبدو له إلاّ وقد كان في علمه ، انّ الله لا يبدو له من جهل » (١٧).
هذا هو مراد الإمامية من البداء ، والطعن عليهم انما جاء من عدم فهم مرادهم ومع انفهامه لا معنى لعرض أدلتهم ومن أراد فليراجع.
* * *
١٦٩ ـ البراءة
وهي احدى الاصول العملية