الثمانية ، إذ قد يكون الشك دائرا بين الوجوب والحرمة والإباحة ، ولا ريب في جريان أصالة البراءة في هذا المورد أيضا ، وبه تكون الأقسام اثني عشر قسما ، لأنّ هذا النحو من الشك ينشأ أيضا إمّا عن فقدان الدليل أو إجماله أو تعارض الأدلة أو اشتباه الامور الخارجية.
وأما الاخباريون باستثناء الاسترآبادي فالأقسام عندهم منحصرة في خمسة ، وذلك لبنائهم على عدم جريان أصالة البراءة في موارد الشك في الحرمة إلاّ أن تكون الشبهة موضوعية.
* * *
١٧٠ ـ البراءة الأصلية
المراد من البراءة الأصلية هي « أصالة خلو الذمة من الشواغل الشرعية » كما هو تعبير المحقق الحلّي رحمهالله. ويعبّر عنها بأصالة النفي ، وهي عينها أصالة البراءة الأعم من العقلية والشرعية ، ولهذا تجدهم ـ قدماء الاصوليين ـ يستدلّون عليها تارة بقاعدة قبح التكليف بما لا يطاق ، وتارة اخرى يستدلون عليها بالروايات.
نعم البراءة الأصليّة العقلية كانت تصنف في ضمن الادلة العقلية القطعية ، وذلك لأنّهم كانوا يرجعون البراءة الأصلية الى استصحاب حال العقل ، وحيث انّ دليله عندهم هو قاعدة قبح التكليف بما لا يطاق لذلك كانت البراءة الأصليّة ـ كاستصحاب حال العقل ـ من الأدلة العقلية القطعية. ثم انّها بعد ذلك صنّفت في ضمن الأدلة الظنية ، وذلك تبعا للاستصحاب أيضا حيث انّه اعتبر من الأدلة الظنية لإفادته الظن ببقاء الحالة السابقة ، فحيث انّ الحالة السابقة كانت عدم التكليف فإن ذلك يوجب الظن ببقاء الحالة على ما هي عليه.