وهذه الدعوى وان كانت تامّة كبرويا إلاّ انّ الإشكال من جهة الصغرى حيث يدعي الأخباريّون ـ القائلون بعدم جريان البراءة في الشبهات التحريميّة ـ انّ الحكم الظاهري بالنسبة لموارد الشك في الحرمة واصل للمكلّف وهو الاحتياط الشرعي ، ففي كلّ مورد يشك فيه المكلّف في حرمة شيء فإنّ حكمه الظاهري هو الاحتياط الشرعي كما دلّت على ذلك الروايات ، وحينئذ لا تكون هذه الكبرى الكلية المجمع عليها نافعة لإثبات البراءة في موارد الشبهات التحريمية.
التقريب الثاني : انّ الطائفة مجمعة على انّ الحكم الظاهري الثابت في حالات الجهل بالحكم الواقعي هو الترخيص والسعة ، وهذا الإجماع لو تم فإنّه نافع لإثبات حجية البراءة إلاّ انّ الإشكال فيه من جهة عدم قبول الإخباريين لذلك في حالات الجهل بالحرمة.
التقريب الثالث : هو دعوى الإجماع على قبح المؤاخذة على ترك تكليف لم يكن معلوما.
والإشكال على هذا التقريب انّه معلوم المدركية أو لا أقل انّه محتمل المدركية ، فلا يكون اجماعا تعبديا ، إذ لا يبعد انّ الاتفاق على قبح المؤاخذة على ترك التكليف غير الواصل ناشئ عمّا يدركه العقل من قبح العقاب بلا بيان ، أو انّ المنشأ هو البناء العقلائي على ذلك ، بناء على انّ الحسن والقبح من الآراء المحمودة وليس من مدركات العقل العملي.
* * *
١٧٢ ـ البراءة العقليّة
وهي المستفادة بواسطة ما يدركه العقل من قبح العقاب بلا بيان ، وهو من مدركات العقل العملي المقتضي لتحديد حق الطاعة للمولى جلّ وعلا