وقوع النسخ في أكثر الأحكام الشرعيّة ، إذ ما من عام تقريبا إلاّ وقد ورد عليه مخصّص بعد ذلك أو أكثر. من هنا كان لا بدّ من البحث عن مخرج آخر لهذا الإشكال ، وذلك للقطع بمحدوديّة الموارد التي وقع فيها النسخ.
هذا وقد تصدّى الأعلام ( رضوان الله تعالى عليهم ) إلى إسقاط الإشكال من الأساس وإثبات أنّ تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس قبيحا في نفسه بحيث لا يمكن انفكاك القبح عن هذا الفرض كما هو الحال في قبح الظلم حيث يستحيل انفكاك وصف القبح عنه.
فتأخير البيان حينما يكون ناشئا عن ملاك ومصلحة أهمّ من المصلحة الكامنة في متعلّق الفعل أو كان أكثر أهميّة من إيقاع المكلّف في مفسدة الواقع فتأخير البيان في مثل هذا الفرض لن يكون قبيحا بل هو عندئذ يكون راجحا.
ولهذا ليس من محذور في تأخير بيان المخصّص عن مجيء العامّ كما أنّ العكس فاقد للمحذور أيضا فمن الممكن أن يسبق بيان المخصّص مجيء العامّ.
* * *
١٧٧ ـ تأسيس الأصل الثانوي عند التعارض
والبحث في المقام عما هو المرجع عند التعارض بحسب ما تقتضيه الروايات العلاجية ، والتعبير عنه بالأصل الثانوي بلحاظ ما يقتضيه الأصل الاولي في التعارض المستفاد بواسطة العقل والذي لا تصل النوبة اليه لو أمكن الاستفادة من الأصل الثانوي في علاج التعارض.
والظاهر من روايات العلاج على اختلاف طوائفها انّها تعالج التعارض الواقع بين الأخبار ولا تصدّي لها لعلاج التعارض الذي قد يتفق وقوعه في سائر الأدلة ، كما انّها مختصة بحالات