الحجيّة ثابتة لكلا الدليلين ولكن بنحو التخيير بحيث يكون ثبوت الحجيّة لأحدهما منوطا باتّفاق العمل بمقتضاه ، فلو عمل المكلّف بمقتضى الدليل الاول ـ مثلا ـ فإنّه يصبح الحجّة دون الآخر وهكذا العكس.
والجواب عن هذا الاحتمال انّه لو اتفق ان أهمل المكلّف كلا الدليلين فإنهما يسقطان عندئذ عن الحجيّة ، إذ انّ حجيّة كل واحد منهما منوط بالعمل به والمفترض انه لم يعمل بأيّ واحد منهما ، وحينئذ يصبح المكلّف في سعة من كلا الدليلين ويكون له الرجوع الى الاصول المؤمّنة لو لم يكن عموم فوقاني وهذا ما لا يمكن الالتزام به حتى عند القائلين بالتخيير ، كما انّه لا يمكن تنظير هذا الاحتمال بالتخيير الوارد في الروايات العلاجية ، إذ انّ مفادها هو لزوم العمل بأحد الدليلين ، غايته انّ المكلّف في سعة من جهة اختيار أحدهما.
المحتمل الرابع : ان تكون الحجيّة ثابتة لكلا الدليلين بنحو التخيير على ان تكون حجية كل واحد منهما منوطة بعدم العمل بالآخر ، وهذا الاحتمال ساقط أيضا ، لأن المكلّف لو لم يعمل بكلا الدليلين يصبح كلا الدليلين حجّة في حقّه لتوفر كل واحد منهما على شرط الحجيّة وهو ترك الآخر. وعندها تكون النتيجة هي التعبّد بكلا الدليلين وهو مستحيل لاستلزامه التعبّد بالمتناقضين.
وبهذا يتعين القول بسقوط كلا الدليلين المتعارضين عن الحجيّة ، ويكون المتحصّل هو ان القاعدة الاولية عند تعارض الأدلة هو التساقط.
* * *
١٨٠ ـ التبادر
وأحد العلامات التي يتميّز بواسطتها المعنى الحقيقي للفظ من