وأمّا بناء على مسلك الاعتبار فهل الدلالة الوضعية تابعة للإرادة أيضا ، ذهب السيد الخوئي رحمهالله لذلك بدعوى انّ الغرض من الوضع انّما هو تفهيم المعنى من اللفظ ، وهذا الداعي من اعتبار اللفظ دالا على المعنى يكون هو المحدد لدائرة الدلالة الوضعية ، إذ لا معنى لان يكون الاعتبار أوسع من الداعي والغرض من الوضع ، فلو كانت الدلالة الوضعية مفيدة لانخطار المعنى من اللفظ مع عدم إرادة تفهيم المعنى لكان ذلك يعني كون الاعتبار أوسع من الوضع وهو لغو لا يتعقل من مثل الواضع الحكيم.
فالمتحصل انّ الدلالة تابعة للإرادة مطلقا وعلى تمام المباني وان مقصود المحقق الطوسي والشيخ الرئيس رحمهما الله هو تبعية الدلالة الوضعيّة ـ والتي لا تكون إلاّ تصديقيّة ـ للإرادة. هذا هو مبنى السيد الخوئي رحمهالله.
* * *
١٨٥ ـ تتميم الكشف
وهو مسلك المحقّق النائيني رحمهالله فيما هو المجعول في الامارات وتبعه السيد الخوئي رحمهالله ، وحاصله : انّ الامارات والطرق والتي هي معتمدة عند العقلاء في مقام التعرف على الواقعيات ليس لها الاّ دور الكشف عن الواقع كما هو الحال في الوسائل العلمية والتي تكشف عن الواقع كشفا قطعيا ، غايته انّ الامارات والطرق تكشف عن الواقع كشفا ظنيا ، ولهذا يحتاج التعبد بها الى جعل من الشارع.
وباتضاح ذلك نقول : انّ الحجيّة لمّا لم تكن ذاتية للأمارات لافتراض النقص في كاشفيتها عن الواقع ـ بخلاف الوسائل العلمية فإنّ حجيّتها ذاتيّة ـ فحينئذ يكون جعل الحجيّة لها من قبل الشارع ـ ولو بواسطة امضاء ما عليه العقلاء اعتماد الطرق والامارات ـ معناه إلغاء احتمال منافاة