١٨٨ ـ تحقيق المناط
قد أوضحنا المراد من المناط تحت عنوان تنقيح المناط وخلصنا هناك إلى أنّ المراد من المناط هو العلّة ، وذلك لإناطة الشارع الحكم بها. بمعنى أنّ الشارع إنّما جعل الحكم على موضوع بسبب اشتماله على علّة أوجبت ذلك.
وما يهمّنا في المقام هو بيان المراد من عنوان تحقيق المناط ، وقد ذكر له معنيان :
الأوّل : هو التحقّق من اشتمال موضوع من الموضوعات على مناط حكم ثابت لموضوع آخر بالنصّ أو الإجماع.
بمعنى أنّ المجتهد بعد أن يقف على مناط حكم لموضوع ثبت بواسطة النصّ أو الإجماع يسعى للتحقّق من وجود ذلك المناط في موضوع آخر ، وحينما يتحقّق من اشتمال ذلك الموضوع على المناط يسرّي ذلك الحكم المنصوص على مناطه إلى الموضوع الآخر الواجد لنفس ذلك المناط.
ومثاله الحكم بوجوب قطع يد السارق ، فإنّ مما لا ريب فيه أنّ المناط في ذلك نصّا أو إجماعا هو السرقة ، فهي منشأ الحكم بوجوب قطع يد المتلبّس بها ، وعندئذ لو وقع البحث عن إيجاب قطع يد النابش للقبر فإنّ ذلك يكون بحثا عن اشتمال النبش على مناط الحكم بوجوب القطع فإن وجد أنّ النبش للقبر مشتمل على مناط وجوب القطع فإنّه بذلك يحكم بوجوب قطع يده.
فوجوب قطع يد النابش ثبت بواسطة تحقيق المناط ، والعمليّة الاجتهاديّة التي مارسها المجتهد في الفرض المذكور تتمحّض في التحقّق من اشتمال نبش القبر على مناط الحكم المنصوص أو المحرز بواسطة الإجماع.
الثاني : هو التحقّق من مصداقية بعض الأفراد للموضوع الكلّي