الجهة الثانية : فيما هو منشأ وقوع الترادف في اللغة ، وقد ذكر لذلك احتمالان :
الاحتمال الاول : أن يكون ذلك قد نشأ عن تصدي الواضع لوضع لفظين أو أكثر لمعنى واحد ، أمّا في عرض واحد أو على فترات متعاقبة ، وقد قلنا انّ ذلك لا محذور فيه ولا منافاة معه لحكمة الوضع.
الاحتمال الثاني : أن يكون ذلك قد نشأ عن اختلاف الواضع ، بمعنى انّ كل قبيلة من قبائل العرب قد وضعت للمعنى المراد لفظا خاصا ثم انّه لما جمعت الفاظ اللغة أو تداخلت القبائل فيما بينها صار للمعنى الواحد ألفاظ متعددة.
وهذان الاحتمالان يمكن أن يكون أحدهما هو المنشأ لوقوع الترادف في اللغة ، كما يمكن أن يكون مجموعهما هو المنشأ لذلك ، بمعنى انّه من الممكن أن يكون بعض المترادفات نشأ عن الاحتمال الاول وبعضها نشأ عن الاحتمال الثاني.
على انّ هنا احتمالا لا ينبغي اغفاله ، وهو انّ الوضع قد يكون تعيّنيا ، بمعنى انّه ينشأ عن كثرة استعمال لفظ في معنى ولا يكون لأحد تصد للوضع ، وإذا كان كذلك فمن الممكن ان يكثر استعمال لفظ في معنى بدرجة ينشأ عن هذه الكثرة الاستعمالية الوضع ، ثم يكثر استعمال لفظ آخر من نفس القبيلة ـ في المعنى نفسه فينشأ عن ذلك وضع آخر.
* * *
٢٠٤ ـ الترتّب
المراد من الترتب هو التكليف بالمهم بشرط عدم امتثال التكليف بالأهم ، فيكون التكليف بالأهم مطلقا من جهة امتثال التكليف بالمهم أو عدم امتثاله ، وأما التكليف بالمهم فهو مشروط بعدم امتثال الأهم أو قل انّه مشروط بعصيان الأهم ، وبهذا