تكشف عن انّ الملاك من لزوم الأخذ بالمتأخر هو التقيّة وانّ الامام عليهالسلام قد يعطي حكما لمسألة ثم في وقت آخر يعطي حكما آخر لنفس المسألة وقد يكون المتأخر هو المناسب للتقيّة ومع ذلك يلزم التعبّد به ، وذلك لمناسبة زمن صدور الخبر للتقيّة ، وواضح انّه لو كان كذلك فإنّ العمل بالخبر المتأخّر انّما هو لتشخيص الامام عليهالسلام الأعرف بمجاري الامور وانّ المناسب في ذلك الوقت هو العمل بالتقيّة وإلاّ فالخبر المتقدم هو الذي صدر لبيان الحكم الواقعي ، ولو كان الخبر المتقدّم هو الذي صدر لبيان الحكم الواقعي فإنّ لزوم العمل به انّما هو لأجل كونه الحكم الواقعي وانّ الخبر المتقدم صدر لمناسبات اقتضتها التقية ، وعليه لا يكون الخبر المتأخر مترجحا بسبب تأخره بل انّ الترجيح انّما نشأ اما عن كون المتأخر صدر لبيان الحكم الواقعي وامّا لأنّه كان مناسبا للتقية في ظرف صدوره.
أما نحن فلمّا لم نكن مطلعين على أيّ الخبرين صدر تقيّة وأيهما صدر لبيان الحكم الواقعي فإن اللازم هو الرجوع لمرجح آخر للتعرّف بواسطته على ما يلزم العمل به منهما.
* * *
٢٠٦ ـ الترجيح بالتقيّة
المراد من الترجيح بالتقيّة هو انّه لو تعارضت روايتان تعارضا مستحكما موجبا للعلم بمنافاة احداهما للواقع وكانت كلا الروايتين واجدتين لشرائط الحجيّة بقطع النظر عن التعارض فإنّه يلاحظ مفاد كلا الروايتين فإن كانت احداهما موافقة لروايات العامة والاخرى مخالفة أو غير موافقة فإنّ الموافقة لروايات العامة تسقط عن الحجيّة بسبب التعارض.
ومنشأ الترجيح هو انّه من غير