عزّ وجلّ ، إلاّ انّ هذا الظهور يزول بمجرّد الالتفات الى انّ القرآن الكريم لم يتصد لبيان كثير من تفاصيل الأحكام الشرعيّة وأوكل ذلك للسنّة الشريفة ، فلو كان المراد من الموافقة هو المطابقة لكانت فائدة هذا المرجح محدودة جدا ، وهذا ما ينافي التأكيد عليه كثيرا في روايات العلاج ، ومن هنا لا يستبعد ان يكون المراد من الموافقة هو عدم المنافاة لكتاب الله جلّ وعلا ، وذلك في مقابل الخبر المنافي لكتاب الله عزّ وجل ، وحينئذ يلاحظ الخبران فإن كان أحدهما مخالفا للكتاب والآخر غير مناف له فإنّ الترجيح يكون للخبر الغير المنافي للكتاب.
ولو لم يقبل هذا الاستظهار فإنّ الموافقة لا تعني التطابق التام بين مفاد الكتاب العزيز ومفاد أحد الخبرين بل يكفي دخوله تحت عمومات أو اطلاقات الكتاب المجيد ، وحينئذ يلاحظ الخبران فلو كان مؤدى أحدهما مشمولا لعمومات أو اطلاقات الكتاب وكان مؤدى الآخر منافيا أو غير موافق ـ ولو بهذا النحو من الموافقة ـ فإنّ الترجيح يكون للاوّل.
وأمّا المخالفة لكتاب الله عزّ وجلّ فإنّ من المقطوع به عدم إرادة المباينة لمفاد الكتاب المجيد ، وذلك لأنّه لو كان المراد منه ذلك لكان من تمييز الحجّة عن اللاحجة ، إذ لا ريب في انّ الخبر المخالف بنحو المباينة للكتاب المجيد يكون ساقطا عن الحجيّة حتى مع عدم وجود المعارض ، وذلك للروايات المتواترة القاضية بسقوط المخالف لكتاب الله عزّ وجل ـ بهذا النحو من المخالفة ـ عن الحجيّة في نفسه وبقطع النظر عن التعارض ، في حين انّ البحث انّما هو عن الروايات المتعارضة والتي تكون متكافئة من حيث واجديتها للحجيّة في نفسها لو لا التعارض.