٢١٢ ـ تزاحم الملاكات
وهو التزاحم الواقع بين ملاكات ومقتضيات الأحكام ، وهذا يتصور على صورتين :
الصورة الاولى : هو ان يفترض اشتمال الفعل على ملاك مقتض لجعل الوجوب عليه إلاّ انّ هذا الملاك مزاحم بملاك آخر يقتضي تحريم هذا الفعل أو يقتضي اباحته بالإباحة بالمعنى الأعم التي تجامع اشتمال الفعل على مزية مقتضية لإيجابه ، غايته انّ هذه المزية مزاحمة بما يستوجب عدم مراعاتها ، كما لو زوحمت مصلحة الإيجاب بمصلحة التسهيل المقتضية للإباحة ، وكذلك قد يشتمل الفعل على مفسدة شديدة إلاّ انّها مزاحمة بمصلحة تستوجب عدم جعل الحرمة على الفعل وهكذا.
وهذا النحو من التزاحم لا ارتباط له بالمكلّف ، إذ انّ وظيفته هي امتثال الحكم المجعول على الفعل بقطع النظر عن ملاكه ، فحتى لو كان الحكم خاليا عن الملاك في متعلقه أو نفس جعله أو كان الملاك منافيا لمقتضى الحكم فإنّ المكلّف مسئول عن امتثاله وليس عليه البحث عن توفره على الملاك المناسب أو عدم توفره بعد إحراز صدور الحكم عن المولى وان جعله جدّيّ.
وملاحظة ملاكات الاحكام ومزاحماتها وما هي النتيجة المترتبة عن التزاحم انّما هي راجعة للمولى وهو المشرع للأحكام ، ومن هنا لا تكون أحكام التزاحم جارية في تزاحم الملاكات.
الصورة الثانية : ان يكون الفعل مشتملا على ملاك مقتض للإيجاب مثلا أو مقتض للحرمة إلاّ انّه مزاحم بملاك في فعل آخر بحيث تكون هذه المزاحمة مقتضية لملاحظة مجموع الفعلين وما يشتملان عليه من