الاوامر والنواهي في موردها مولوية ، وقد أوضحنا ذلك تحت عنوان « الأمر الإرشادي ».
ومع اتضاح ذلك يتضح انّ ما يدركه العقل من قبح التشريع لا يصيّر النواهي الواردة في الآيات إرشادية بل هي مولويّة ومقتضية للحرمة المولوية.
وبيان ذلك : انّ قبح التشريع حكم مدرك بالعقل ابتداء لاشتماله على المفسدة التامة ، وليس ناشئا عن حكم الشرع بشيء مثلا ثمّ يدرك العقل قبح مخالفته ، فيكون واقعا في سلسلة معلولات الحكم الشرعي ، كما هو الحال في إدراك العقل لحسن الطاعة وقبح المعصية ، إذ انّ هذا المدرك منوط بصدور أمر عن الشارع ، وحينئذ يدرك العقل حسن الطاعة ، ولو لم يكن أمر لما أدرك العقل حسن الطاعة لعدم وجود موضوع للطاعة ، وهكذا الكلام في إدراك العقل لقبح المعصية فإنّه منوط بوجود نهي.
وأما المقام فليس من هذا القبيل ، فإنّ إدراك العقل لقبح التشريع ليس منوطا بوجود حكم شرعي في مرحلة متقدّمة على إدراك العقل بل انّ قبح التشريع مدرك عقلي بقطع النظر عن وجود حكم شرعي في مرحلة سابقة على المدرك العقلي بل انّ هذا المدرك يكون سببا وعلة في جعل حكم شرعي هو حرمة التشريع ، فقبح التشريع واقع في سلسلة علل الحكم الشرعي بحرمة التشريع.
* * *
٢١٧ ـ التشريع العملي
ما ذكرناه سابقا يعبّر عنه بالتشريع القولي ، وأما التشريع العملي فهو ان يمارس المكلّف فعلا بعنوان انّه من الدين مع عدم العلم بكونه من الدين ، كما لو كان المكلّف يجهل بجزئية السورة في الصلاة أو يعلم بعدم جزئيتها ومع ذلك يأتي بها بقصد الجزئيّة.