بينهما ، ولهذا تكون قاعدة استحالة اجتماع الضدين من المراجع التي تحاكم بها القضايا النظرية ، إذ انّه كلّما آلت قضيّة نظرية الى قضية بديهيّة فهذا يعبّر عن تماميتها وإلاّ فهي غير تامّة ، إذ لا يمكن إثبات قضية نظرية بقضية نظرية وإلاّ لزم الدور أو التسلسل ـ كما هو محرّر في محله ـ ولهذا قالوا انّ كلّ ما هو نظري لا بدّ وان يرجع الى ما هو بديهي.
* * *
٢٢١ ـ التضاد بين الأحكام التكليفيّة
لا ريب انّ الاحكام التكليفيّة متضادة فيما بينها ، فليس ثمّة حكم من الأحكام التكليفيّة يمكن ان يجتمع مع حكم آخر على موضوع واحد ، وذلك لأن الأحكام ليست اعتبارات محضة وجزافية بل انّها ناشئة عن ملاكات في متعلقاتها ، وحينئذ يكون الالتزام بامكان اجتماع حكمين متغايرين على موضوع واحد معناه اشتمال الموضوع الواحد على ملاكين متنافيين وهو مستحيل كما هو واضح.
فالوجوب الثابت لفعل معناه اشتمال الفعل على مصلحة تامّة ومحبوبيّة شديدة ، وحينئذ يستحيل ثبوت الحرمة أو سائر الاحكام التكليفيّة لذلك الفعل ، إذ انّ ثبوت الحرمة له معناه اشتماله على المفسدة التامة والمبغوضيّة الشديدة ، وهو غير معقول ، كما انّ افتراض ثبوت الاستحباب له معناه انّ المصلحة المشتمل عليها غير تامة وان محبوبيته ليست شديدة ، وهكذا افتراض سائر الأحكام له.
وبهذا يتبيّن انّ دعوى التضاد بين الأحكام لا تكون تامة إلاّ مع افتراض تبعية الاحكام للملاكات في متعلّقاتها وإلاّ فلو كانت الاحكام اعتبارات محضة لما كان هناك أيّ محذور في