الوجود للطبيعة ، غايته انّ المكلّف في سعة من جهة اختيار أيّ فرد من أفراد الطبيعة لجعله موردا لامتثال الأمر بالطبيعة ، وحينئذ لا يكون المنع عن تطبيق امتثال الأمر على فرد من أفراد الطبيعة موجبا لرفع اليد عن الحكم ، وهذا بخلاف المنع عن فرد من أفراد الطبيعة في الإطلاق الشمولي فإنّه يعني رفع اليد عن الحكم الوارد على ذلك الفرد ، وذلك لما ذكرناه من انّ لكلّ فرد حكم مستقل عن الأحكام الاخرى الثابتة لسائر أفراد الطبيعة ، فلو قدمنا الاطلاق البدلي للزم من ذلك رفع اليد عن حكم بلا مبرّر لذلك بعد امكان التحفّظ عليه والتحفّظ على الحكم الوارد في الإطلاق البدلي.
* * *
٢٢٩ ـ تعارض الإطلاقين من وجه
وهو من الموارد التي وقع البحث عن انها من صغريات التعارض المستقر أو من صغريات التعارض البدوي والذي يمكن معه الجمع العرفي.
ومثاله : ما لو ورد دليل لسانه « أكرم العلماء » ، وورد دليل آخر لسانه « لا تكرم الفساق » ، فإنّه لو تمّ الإطلاق في الدليلين فإنّه يحصل التنافي في مادة الاجتماع وهي العالم الفاسق ، فإنّ مقتضى الإطلاق الاول هو وجوب اكرامه ومقتضى الإطلاق الثاني هو حرمة اكرامه الاّ انّ المعروف هو عدم تمامية الإطلاق في كلا الدليلين ، وذلك لأن الإطلاق ليس مستفادا من الوضع ـ كما هو مبنى البعض ـ بل هو مستفاد من قرينة الحكمة والتي لا تتصل بنفس اللفظ ، فالحكم انما هو مجعول على الطبيعة المهملة ، والاطلاق ـ وكذلك التقييد ـ انّما يعرضها بواسطة دال آخر ، فتقييد الطبيعة مستفاد من ذكر القيد ، وأما الإطلاق فيستفاد بواسطة مقدمات الحكمة والتي منها عدم نصب قرينة