دليل الأصل والقاضي بجريان الاستصحاب وبالتالي التنجّز ينافي دليل حجيّة الامارة المقتضية للحليّة ، وذلك لأنّ دليل الحجيّة للاصل يثبت الاستصحاب المقتضي للتنجّز ، وإثباته للحجيّة له معناه نفي الحجيّة عن الأمارة المقتضية للحليّة ، وكذلك دليل الحجيّة للأمارة فإنّه في الوقت الذي يثبت الحجيّة لما تقتضيه الأمارة ينفيها عن الأصل المقتضي للتنجّز.
والمتحصل انّ التعارض لا يتصوّر إلاّ بين الأدلّة المحرزة المعبّر عنها بالأدلّة الاجتهاديّة ، وأمّا التعارض بين الاصول أو بين الاصول والأمارات فإنّه يؤول روحا الى التعارض بين الأدلّة المحرزة.
* * *
٢٣٣ ـ التعارض بين الإطلاق والعموم
من الواضح انّ أحكام التعارض انّما تجري في ظرف استحكامه ، أما مع امكان الجمع العرفي بالتخصيص أو الحكومة أو الورود أو غير ذلك فإنّ أحكام التعارض من الرجوع الى المرجّحات أو التخيير أو التساقط لا تجري.
إلاّ انّه وقع البحث صغرويا في بعض الموارد ، وهل انها من حالات التعارض المستحكم أو انّها من التعارض البدوي والذي يمكن معه الجمع العرفي. ومن هذه الموارد ما لو وقع التعارض بين عام ومطلق.
كما لو ورد عام مفاده يجب اكرام كلّ العلماء ، وورد مطلق مفاده يحرم اكرام الفساق ، فإنّ مقتضى العموم هو وجوب اكرام العلماء الفساق ، ومقتضى الاطلاق هو حرمة اكرام العلماء الفساق ، فالتنافي بينهما في مادة الاجتماع.
والكلام هنا عن انّه هل يمكن الجمع العرفي بين الدليلين بحيث ترتفع