يدّعي ثبوت الإجماع السكوتي على مضمون الفتوى الصادرة من بعض الفقهاء. والإشكال الذي يمكن إيراده على ذلك هو أنّه من المحتمل أن لا يرى بعض الفقهاء لازما للبحث عن حكم تلك المسألة فحينئذ لا يكون له رأي فيها كما أنّ من المحتمل أن يكون له رأي مخالف لمضمون تلك الفتوى إلاّ أنّه لا يرى ضرورة للتصريح به أو أنّه لا يرى من ثمرة تقتضي التصريح به وحينئذ كيف يتمّ إحراز الإجماع بمجرّد السكوت.
هذا وقد نسب إلى أكثر أتباع أبي حنيفة القول بحجيّة هذا النوع من الإجماع ونسب أيضا إلى أحمد بن حنبل إمام الحنابلة وجماعة من الشافعيّة.
* * *
١٥ ـ الإجماع اللبي
حينما تتّفق كلمة الفقهاء في مسألة على لفظ واحد فإنّ الإجماع في الفرض المذكور يعبّر عنه بالإجماع اللفظي ، ومثاله ما لو قال الفقهاء إنّ الفقّاع حرام.
أمّا حينما يعبّرون عن رأيهم المتّحد في مسألة بألفاظ مختلفة فإنّ الإجماع في هذا الفرض يعبّر عنه بالإجماع اللبّي. ذلك لأنّ الاتّفاق بينهم إنّما هو في المضمون دون اللفظ.
وقد ذكروا أنّ الثمرة المترتّبة على ذلك هي أنّ الإجماع لو كان من قبيل الإجماع اللفظي فإنّ من الممكن التمسّك بإطلاقه أو عمومه وهكذا يمكن إجراء سائر الأصول اللفظيّة عليه من قبيل أصالة الظهور وأصالة عدم النقل وأصالة الحقيقة وغيرها.
وأمّا لو كان الإجماع من قبيل الإجماع اللبّي فإنّ من غير الممكن التمسّك بالأصول اللفظيّة في مورده ، فليس للفقيه إلاّ أن يتمسّك بالقدر المتيقّن من معقد الإجماع.