واجيب عن دعوى صاحب الكفاية رحمهالله بأن الظهور في الاطلاق وان كان ينعقد بمجرّد انتهاء المتكلم من كلامه مع عدم وجود قرينة على عدم إرادة الاطلاق إلاّ انّ هذا الظهور في الاطلاق يسقط عن الحجيّة بعد ورود القرينة على الخلاف أو بعد ورود ما يصلح للقرينية ، بمعنى انّ القرينة المنفصلة لا تنفي الإرادة الاستعماليّة للإطلاق إلاّ انّها تنفي الإرادة الجدّيّة والتي هي مناط الحجيّة ، على انّه لا مانع من انعقاد الإطلاق لو جرت عادة المتكلّم ـ كما هو الحال في خطابات الشارع ـ على اعتماد القرائن المنفصلة ، وحينئذ لا بدّ من الفحص قبل الاعتماد على الاطلاق ، فمتى ما تمّ العثور على القرينة فإنّ ذلك يستوجب انكشاف عدم إرادة الإطلاق جدّا وان كان الإطلاق مرادا استعمالا لغرض في نفس المتكلم.
فالنتيجة انّه لا فرق بين القرينة المتّصلة والمنفصلة من حيث عدم صحة الاعتماد على الاطلاق ، غايته انّ القرينة المتصلة تمنع من انعقاد الظهور الاستعمالي للاطلاق ، وأمّا القرينة المنفصلة فهي تهدم الظهور الجدّي للاطلاق ، وبهذا يكون مقتضى الجمع العرفي بين العموم والإطلاق المتنافيين هو العمل بمقتضى العموم في مادة الاجتماع واختصاص الاطلاق بمادة الافتراق.
* * *
٢٣٤ ـ التعارض بين الدليل اللفظي والدليل العقلي
التعارض قد يكون بين دليلين لفظيين ، وقد يكون بين دليلين عقليين ، وقد يكون بين دليل عقلي ودليل لفظي ، وروايات العلاج سواء المفيد منها للترجيح بالمرجحات أو المفيد للتخيير أو التوقف والإرجاء كلها متصدية لمعالجة التعارض في