مثلا لو أمكن تحصيل الإجماع على نجاسة العصير العنبي إلاّ أنّ كلمات الفقهاء في التعبير عن ذلك مختلفة فبعضها مثلا كان بهذا اللفظ : « العصير العنبي نجس » ، وبعضها كان بهذا اللفظ : « العصير العنبي المغلي محكوم بالنجاسة » ، والبعض الآخر كان بهذا اللفظ : « يلزم المكلّف تطهير الإناء الذي أصابه العصير العنبي والذي لم يذهب ثلثاه بالغليان » وهكذا.
فهنا يكون المتحصّل من مجموع هذه الكلمات هو نجاسة العصير العنبي إلاّ أنّه لو وقع الشكّ في إطلاق النجاسة فإنّ من غير الممكن استظهاره ، ذلك لعدم اتّحاد كلمات الفقهاء لفظا فهي وإن لم تكن متنافية إلاّ أنّها متفاوتة سعة وضيقا ، فلعلّ من أفاد المعنى الضيّق لا يريد الإطلاق. من هنا لا يسع المحصّل للإجماع إلاّ التمسّك بالقدر المتيقّن من مجموع الكلمات.
* * *
١٦ ـ الإجماع اللطفي
والمراد منه الإشارة الى ما هو مدرك الإجماع المحصّل ، والمدرك المشار اليه هو قاعدة اللطف.
وهذا المبنى لا يفترض دخول المعصوم عليهالسلام في إطار المجمعين ، وانّما يستكشف وبواسطة العقل العملي قبول المعصوم لمعقد الإجماع ، فهذا هو ما يستوجب حجيته.
وهذا المبنى قد تبنّاه جمع من الأعلام المتقدمين والمتأخرين وعلى رأسهم الشيخ الطوسي رحمهالله والمحقق الداماد رحمهالله وشريف العلماء رحمهالله وغيرهم.
وحاصل هذا المبنى هو انّ اتفاق الطائفة على أمر لا يخلو حاله عن أحد احتمالين :
الاحتمال الاول : ان يكون ما اتفق عليه متطابقا مع الواقع وهذا يعني قبول الامام عليهالسلام لمورد الاتفاق.